صَاغِرُونَ *﴾ [التوبة]، والخطاب في قوله: ﴿قَاتِلُوا﴾ للمسلمين عامة، فيكون قتالهم فرض كفاية، وقوله: ﴿مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾، «من» هنا يتعين أن تكون لبيان الجنس، وليس للتبعيض؛ وذلك لأن جميع أهل الكتاب لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ﷺ ولا يدينون دين الحق، ولو جعلنا «من» للتبعيض لكان بعض أهل الكتاب على دين ومؤمناً، ولكن الأمر ليس كذلك، فيتعين أن تكون «من» هنا لبيان الجنس كقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ﴾ [البينة: ٦]، فإن «من» هنا لبيان الجنس، يعني صنف الكفرة إلى قسمين: أهل كتاب ومشركين.
قوله:«لا يعقد» بالبناء للمجهول، وسيأتي أن الذي يتولى عقدها الإمام أو نائبه.
قوله:«لغير المجوس» المجوس هم الذين يعبدون النار وهم مشركون، لكنهم طائفة مستقلة عن الشرك العام بخصائص معروفة في دينهم، يقولون بالأصلين الظلمة والنور ـ وهم فِرَق وهذه من فرقهم ـ ويقولون: إن الحوادث إما خير وإما شر، فالخير خلقه النور، والشر خلقته الظلمة، ومع ذلك لا يرون أن هذين الإلهين متساويان بل يقولون: إن النور خير من الظلمة، ويقولون: إن النور قديم، ويختلفون في الظلمة هل هي حادثة أو لا؟ ولهذا قال شيخ الإسلام: لم يُعلم أن أحداً من أرباب المقالات قال: إن للخلق إلهين متساويين أبداً، حتى القائلين بالتثنية لا يرون أن هذا مساوٍ لهذا، فهؤلاء يعقد لهم.