وقولنا:«إقرار بعض الكفار على دينهم على وجه معين» يفيد أن الأصل عدم إقرار الكافر على دينه، وهو كذلك لقوله ﷺ:«أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله»(١)، ووجه هذا الأصل الذي دل عليه القرآن ـ كما سنذكره ـ ودلَّت عليه السنّة، أن الخلق عبادٌ لله يجب عليهم أن يقوموا بمقتضى هذه العبودية من التذلل له والتزام أحكام شريعته، فإذا خالفوا ذلك خرجوا عن مقتضى هذه العبودية، فكان يجب أن يردوا إليها؛ لأنهم خلقوا من أجلها، ولكن لنا أن نقرهم على دينهم بالذمة والعهد.
ولكن ما معنى الذمة هنا، هل هي العهد السابق؟.
الجواب: معنى الذمة هنا إقرار بعض الكفار على كفرهم بشرط بذل الجزية والتزام أحكام الملة.
أما العهد السابق فهو الهدنة، فنعاهد الكفار، وهم في أرضهم مستقلون عن المسلمين ليس لنا من شأنهم شيء إلا وضع القتال.
وقولنا: التزام أحكام الملة، وليس التزام الملة؛ لأنهم لو التزموا الملة لكانوا مسلمين، لكن التزام أحكام الملة، أي: ما حكمت به الشريعة الإسلامية عليهم.
(١) أخرجه البخاري في الإيمان/ باب ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ﴾ … ﴾ (٢٥)؛ ومسلم في الإيمان/ باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله محمد رسول الله … (٢٢) عن ابن عمر ﵄.