فيكون للذي يرث النصفَ الثلثُ، إذاً الوصية ما نقصت، أُعطي الموصى له الثلاثين كاملة، أي: الثلث كاملاً، والميراث نقص؛ لأن الوصية مقدمة عليه، ولهذا كان لصاحب النصف في الوصية الثلث.
وتأمل يا أخي، فالمالُ الذي تجمعه إذا مت إلى من يذهب؟ يذهب إلى أشياء ضرورية، للتجهيز، أو غرامات ديون عليك، أو لغيرك، فمالُك حقيقةً هو ما قدمته في حياتك تقرباً إلى الله ﷿، وأما ما خلَّفته فليس لك.
ثم اعلم أن الإرث كغيره من الأشياء، له أسباب، وله شروط، وله موانع، ولهذا قال:
«أسباب الإرث رحم ونكاح وولاء» الرحم يعني القرابة، وهي الاتصال بين إنسانين بولادة قريبة أو بعيدة، فابن عمك رحم؛ لأن بينكما اتصالاً بالولادة تلتقي معه في الجد، ثم هذه القرابة أصول وفروع وحواشٍ، فمن تدعوه بأب أو بأم أصل، ومن يدعوك بأب أو بأم فرع، ومن يدعو آباءَك بأبٍ أو بأم حواشٍ، إذن الفروع فروع الإنسان نفسه، والحواشي فروع آبائه وأمهاته، والأصول من تفرع منهم.
وقوله:«ونكاح» وهو الاتصال بين ذكر وأنثى بعقد صحيح، فعقد النكاح الباطل لا توارث فيه، وعقد النكاح الفاسد لا توارث فيه، فلا بد أن يكون نكاحاً صحيحاً حتى يورث به من الجانبين، الزوج يرث الزوجة، والزوجة ترث زوجها، ويثبت التوارث بين الزوجين من حين ما يعقد الرجل على المرأة، حتى وإن هلك في نفس مجلس العقد قبل أن يجتمع بها فإنها ترثه، ولو هلكت هي في