للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما ما يذكر من أن حنظلة بن عبد الله ﵁ غسلته الملائكة (١)، فهذا إن صح فليس فيه دليل على أنه يغسله البشر؛ لأن تغسيل الملائكة له ليس شيئاً محسوساً بماءٍ يطهر، بل إن صح فهو من باب الكرامة، وليس من باب التكليف.

فالصحيح أنه لا يغسل، سواء أكان جنباً أم غير جنب؛ لعموم الأدلة، ولأن الشهادة تكفر كل شيء، ولو قلنا بوجوب تغسيله إذا كان جنباً لقلنا بوجوب وضوئه إذا كان محدثاً حدثاً أصغر؛ ليكون على طهارة، ولم يقولوا به.

وَيُدْفَنُ فِي ثِيَابِهِ بَعْدَ نَزْعِ السِّلَاحِ وَالجُلُودِ عَنْهُ، وَإِنْ سُلِبَها كُفِّنَ بِغَيْرِهَا. ........

قوله: «ويدفن في ثيابه»، أي: يدفن الشهيد في ثيابه التي قتل فيها؛ لأنه يبعث يوم القيامة على ما مات عليه من القتل، ولذلك يبعث وجرحه يثعب دماً، اللون لون الدم، والريح ريح المسك.

قوله: «بعد نزع السلاح والجلود عنه»، أي: إذا كان معه جلود مثل: سير ربط به إزاره أو رداءه، أو ما أشبه ذلك، أو معه سلاح قد حمله فإنه ينزع منه؛ لأن هذا لا يدخل في الثياب؛ ولأنه ورد عن النبي ﷺ: «أنه أمر بقتلى أحد أن ينزع عنهم الحديد والجلود وأن يدفنوا في ثيابهم بدمائهم» (٢).

قوله: «وإن سُلبها كفن بغيرها»، الضمير «ها» في قوله:


(١) أخرجه ابن حبان (٧٠٢٥) إحسان؛ والحاكم (٣/ ٢٠٤)؛ والبيهقي (٤/ ١٥). وقال الحاكم: «صحيح على شرط مسلم»، وأقرّه الذهبي.
(٢) أخرجه الإمام أحمد (١/ ٢٤٧)؛ وأبو داود (٣١٣٤)؛ وابن ماجه (١٥١٥)؛ والبيهقي (٤/ ١٤) عن ابن عباس ﵄.

<<  <  ج: ص:  >  >>