للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكون عندي رهناً، فالقول الراجح أنه جائز؛ وذلك لأن النبي إنما نهى عن بيع المكيل والموزون قبل قبضه على غير بائعه، وهذا رهن على بائعه، فإذا حلَّ الأجل، وكان الدين مؤجلاً ولم يوفِ، باعه البائع واستوفى حقه.

وَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ إِلاَّ الثَّمرةَ والزَّرْعَ الأخْضَرَ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِمَا بِدُونِ شَرْطِ القَطْعِ ..

قوله: «وما لا يجوز بيعه لا يصح رهنه» كل ما لا يجوز بيعه لا يصح رهنه؛ لأن رهنه حينئذٍ لا فائدة منه، ولهذا لو أنك رهنت ولدك فإنه لا يصح، إذاً القاعدة: «ما لا يصح بيعه لا يصح رهنه»؛ لأن رهن ما لا يصح بيعه لا فائدة منه، والعقود التي لا فائدة منها كلها لغوٌ، لا يعتبرها الشارع شيئاً، فأي فائدة أن أرهن شيئاً لا يصح بيعه، فإذا حل الأجل ماذا أعمل؟! ليس إلا زيادة عناء ومشقة لا فائدة منها.

قوله: «إلا الثمرة والزرع الأخضر قبل بدو صلاحهما بدون شرط القطع» وبدو صلاح الثمرة إذا اصفرت أو احمرت، والزرع إذا اشتد حبه، فبيعهما قبل بدو صلاحهما بدون شرط القطع لا يصح، لكن رهنهما قبل بدو صلاحهما بدون شرط القطع صحيح؛ لأنه إذا حل الأجل فإن كان قد بدا صلاحهما أمكن البيع وإلا انتظر حتى يبدو الصلاح، والمرتهن إذا كان يعرف أن الصلاح قد بقي عليه شهران أو ثلاثة قد دخل على بصيرة، فليس فيه إشكال، وهذا الاستثناء واضح، فيجوز أن ترهن الثمرة قبل بدو صلاحها، وإن لم يشترط القطع؛ لأن حق المرتهن لا يضيع؛ بل إن شرط القطع قد يكون مفسداً للعقد؛ لأنه لا فائدة منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>