فَرَهْنُهُ على ثمنه رَهْنٌ مع الحق، وبالنسبة للدين السابق رهن بعد الحق، فكل مبيع يجوز أن يرهن على ثمنه، وعلى غيره من دين سابق.
وقوله:«غير المكيل والموزون» المكيل والموزون لا يجوز رهنه على ثمنه، ولا على غيره، وهذا إنما يستثنى فيما إذا رهنه قبل القبض؛ لأن المكيل والموزون لا يجوز بيعهما إلا بعد القبض، أي: لو بعت عليك مائة صاع بر بمائتي ريال، وقلتُ: أنا سوف أرهن المائة صاع حتى تعطيني مائتي الريال، فالمؤلف يقول لا يجوز؛ لأن ما لا يصح بيعه لا يصح رهنه، والمكيل قبل أن يقبض لا يجوز بيعه، فلا يجوز رهنه، هذا وجه العلة، ومثل ذلك المعدود والمذروع؛ لأنه لا يجوز التصرف في المعدود حتى يعده، فكل ما لا يجوز بيعه لا يجوز رهنه.
إذاً كل مبيع يرهنه الإنسان على ثمنه، إن كان بعد القبض فلا بأس به مطلقاً بدون تفصيل، وإن كان قبل القبض نظرت فإن كان يصح بيعه قبل قبضه جاز رهنه وإلا فلا؛ لأن الرهن فرع للبيع وهذا هو المذهب.
والصحيح الجواز؛ لأن النبي ﷺ إنما نهى عن بيع المبيع قبل قبضه على غير بائعه؛ والحكمة من ذلك لئلا يربح فيما لم يدخل في ضمانه، ولئلا يربح ربحاً يغار منه البائع ويحاول فسخ البيع، أما إذا رهنه على البائع وهو مكيل أو موزون، فالصحيح أنه جائز، وأنه لو قال البائع الذي باع عليه مائة صاع بمائتي ريال: أنا لا أسلمك الأصواع إلا أن تأتيني بالثمن، أريد أن