وكذا الخائف: تسقط عنه الجمعة، لكنه إذا حضرها تلزمه وتنعقد به، ويصح أن يكون إماماً فيها.
فإذا قال قائل: ما الفرق بينه وبين المسافر والعبد؟
فالجواب: أن المسافر والعبد لم يوجد فيهما شرط الوجوب، فليسا من أهله، وأما من سقطت عنه لعذر ففيه مانع الوجوب وهو من أهله، فإذا حضر إلى مكانها زال المانع، فصار كالذي ليس فيه مانع.
قوله:«ومن صلى الظهر ممن عليه حضور الجمعة قبل صلاة الإمام لم تصح»، أي: من صلى الظهر وهو ممن يلزمه الحضور، فإن صلاته لا تصح، وتأمل قول المؤلف:«ممن عليه حضور الجمعة» ولم يقل: ممن تجب عليه الجمعة، وذلك من أجل أن يكون كلامه ﵀ شاملاً للذي تجب عليه بنفسه، والذي تجب عليه بغيره؛ لأن الفقهاء ﵏ يقسمون الناس إلى قسمين:
الأول: من تلزمه الجمعة بغيره، وهذا لا تنعقد به ولا يصح أن يكون إماماً فيها.
والثاني: من تلزمه بنفسه، وهذا يصح أن يكون إماماً فيها وتنعقد به.
مثال ذلك: مسافر حلَّ بلداً تقام فيه الجمعة، وأذِّن لصلاة الجمعة، فهذا عليه الحضور، وليست واجبة عليه بنفسه، بل بغيره، فإذا صلى هذا المسافر قبل صلاة الإمام فإن صلاته لا تصح؛ لأنه فعل ما لم يؤمر به، وترك ما أمر به، فيكون هذا الرجل عمل عملاً ليس عليه أمر الله ورسوله؛ لأنه مأمور أن يحضر الجمعة ويصليها، وقد صلى ظهراً فلا تقبل منه؛ لقول النبي ﷺ:«من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد»، أي مردود عليه؛ ولأن صلاته الظهر مع وجوب الحضور عليه يكون كالذي غصب الزمن؛ لأن هذا الزمن الأصل فيه أن يكون للجمعة.
مثال آخر:
رجل مقيم في البلد، وكان معه أصحابه في البيت فجاء وقت الظهر فصلوا الظهر قبل صلاة الجمعة، فلا تصح.