الأذان والإقامة. والفصل الكثير هو الطويل عُرفاً، وإنما أبطلهما لأن الموالاة شرط؛ حيث إن كلَّ واحد منهما عبادة، فاشترطت الموالاة بين أجزائها كالوُضُوء، فلو كبَّر أربع تكبيرات ثم انصرف وتوضَّأ ثم أتى فأتمَّ الأذان، فإن هذا الأذان لا يصحُّ، بل يجب أن يَبْتَدِئَهُ من جديد.
وَيَسيرٌ مُحَرَّمٌ، ولا يُجْزِئُ قَبْلَ الوقتِ ...............
قوله:«ويَسيرٌ مُحَرَّمٌ»، وذلك لأن المحرَّم يُنافي العبادة، مثل لو كان رجلٌ يؤذِّن وعنده جماعة يتحدَّثون؛ وفي أثناء الأذان التفت إليهم وقال: فلان فيه كذا وكذا يغتابه، فالغيبة من كبائر الذُّنوب، فنقول: لا بُدَّ أن تعيد الأذان؛ لأنه قد بَطَلَ، وهذا رُبَّما يقع كثيراً في الرَّحلات عند بعض النَّاس.
وعُلِمَ من قوله:«يَسيرٌ مُحَرَّم»، أنَّه إذا كان يسيراً مُباحاً كما لو سأله سائل وهو يؤذِّنُ: أين فلان؟ فقال: ذهب. فهذا يسيرٌ مباح فلا يبطله.
قوله:«ولا يُجزِئُ قبل الوقت»، لدليل، وتعليل.
فأمَّا الدَّليل: فهو قول النبيِّ ﷺ: «إذا حضرت الصَّلاة فليؤذِّن لكم أحدُكم … »(١)، فقال:«إذا حضرت الصَّلاةُ»، والصَّلاة لا تحضر إلا بدخول الوقت، وقد يُستفاد من قوله:«إذا حضرت» أن المراد دخول وقتها وإرادة فعلها.
ولهذا لما أراد بلال أن يؤذِّن، وكان مع النبيِّ ﷺ في سفر في شدَّة الحَرِّ؛ فزالت الشَّمس؛ فقام ليؤذِّن قال:«أبرد»،