للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنجيب عليه: بأننا لا نقول لا أفضليَّة في الإمامة، بل الإمامة ولاية شرعيَّة ذات فضل، ولكننا نقول: إنَّ الأذان أفضل من الإمامة لِمَا فيه من إعلان ذكرِ الله وتنبيه النَّاس على سبيل العموم، فالمؤذِّن إمام لكلِّ من سمعه، حيث يُقتدى به في دخول وقت الصَّلاة؛ وإمساك الصَّائم وإفطاره، ولأنَّ الأذان أشقُّ من الإمامة غالباً، وإنَّما لم يؤذِّن رسولُ الله وخلفاؤه الرَّاشدون؛ لأنَّهم اشتغلوا بالأهمِّ عن المهم؛ لأنَّ الإمام يتعلَّق به جميع النَّاس، فلو تفرَّغ لمراقبة الوقت لانشغل عن مهمَّات المسلمين، ولا سيَّما في الزَّمن السَّابق حيثُ لا ساعات ولا أدلَّة سهلة.

هُمَا فَرْضُ كِفَايةٍ ..............

قوله: «هما فرضُ كِفَاية»، هذا بيان لحكمهما.

الفرض في اللُّغة: القطع. وشرعاً: ما أُمِرَ به على سبيل الإلزام وهل هو أوكد من الواجب، أم هما بمعنى واحد (١)؟

الصحيح: أنهما بمعنى واحد، لكن ينبغي مراعاة ألفاظ الشَّرع، فما جاء بلفظ الفرض فَلْيُعبَّر عنه بالفرض، وإلا فبما عبَّر عنه الشَّارع؛ لأنَّ هذا أَولى في المتابعة.

والدَّليل على فرضيتهما: أَمْرُ النبيِّ بهما في عِدَّة أحاديث (٢)، وملازمته لهما في الحضر والسَّفر، ولأنه لا يتمُّ العلم بالوقت إلا بهما غالباً، ولتعيُّن المصلحة بهما؛ لأنَّهما من شعائر الإسلام الظَّاهرة.


(١) انظر: «شرح الكوكب المنير» (١/ ٣٥١ ـ ٣٥٣).
(٢) كحديث مالك بن الحويرث الآتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>