خاف أن تفوته الجماعة فالأفضل أن يقطعها من أجل أن يُدرك الجماعة.
وقد يقول قائل: كيف يقطعها وقد دخل في فريضة، وقطع الفريضة حرام؟
فنقول: هو حرامٌ إذا قطعها ليترُكَهَا، أما إذا قطعها لينتقل إلى أفضل، فإنه لا يكون حراماً، بل قد يكون مأموراً به، ألم تَرَ أن النبيَّ ﷺ أمر أصحابه الذين لم يسوقوا الهديَ أن يجعلوا حجَّهم عُمْرة (١) من أجل أن يكونوا متمتِّعين، فأمرهم أن يقطعوا الفريضة نهائياً؛ لأجل أن يكونوا متمتِّعين؛ لأن التَّمتُّع أفضل من الإفراد، ولهذا لو نَوى التَّحلل بالعُمْرة ليتخلَّص من الحجِّ لم يكن له ذلك، فهذا لم يقطع الفرض رغبة عنه؛ ولكنه قطع الفرض إلى ما هو أكمل وأنفع.
قوله:«وَإنِ انْتَقَلَ بِنِيَّةٍ مِنْ فَرْضٍ إلى فَرْضٍ بَطَلا»، هذه هي الصورة الثانية من صور الانتقال من نيَّة إلى نية، وهي أن ينتقل من فرض إلى آخر.
مثال ذلك: شَرَعَ يُصلِّي العصر، ثم ذكر أنه صَلَّى الظُّهر على غير وُضُوء؛ فنوى أنها الظُّهر، فلا تصحُّ صلاة العصر، ولا صلاة الظُّهر؛ لأن الفرض الذي انتقل منه قد أبطله، والفرض الذي انتقل إليه لم ينوِه من أوِّلهِ.
(١) رواه البخاري، كتاب الحج: باب التمتع والإقران بالحج، رقم (١٥٦٦. ١٥٦٧، ١٥٦٨)، ومسلم، كتاب الحج: باب بيان وجوه الإحرام، رقم (١٢١٦) من حديث جابر.