فتهون السرقة في نفسه، ثم يسرق ما يبلغ النصاب فيقطع؛ وذلك جمعاً بين الأحاديث.
وأما قول من قال: إن هذا على سبيل المبالغة فلا يستقيم؛ لأن الشارع أثبت حكماً، وهو أنه يقطع، فالصواب أنه يحمل على أحد معنيين، وعندي أن الثاني أقرب؛ لأن الأول فيه شيء من التكلف، والبعد والخروج عن الظاهر.
قوله:«وَإِذَا نَقَصَتْ قِيمَةُ المَسْرُوقِ، أَوْ مَلَكَهَا السَّارِقُ لَمْ يَسْقُطِ القَطْعُ» يعني أن هذا السارق يسرق هذا الشيء، وهو يساوي ربع دينار، أو ثلاثة دراهم على المذهب، لكنه لما رُفِعَ إلى الحاكم، وإذا قيمته قد نزلت، فصار لا يساوي إلا أقل من ربع دينار، فهل العبرة بالترافع، أو العبرة بالسرقة؟
الجواب: الثاني، ولهذا قال:«وإذا نقصت» يعني عند الترافع إلى الحاكم فإنه لا يسقط القطع؛ لأنه حين سرق سرق نصاباً.
مثال ذلك: سرق قلماً يساوي ربع دينار، ولما رُفع إلى الحاكم صار القلم لا يساوي إلا ثُمْن دينار؛ لأن السعر نقص، أو لأن القلم انكسر، أو ما أشبه ذلك، فإنه هنا لا يسقط القطع، بل القطع ثابت.
وقوله:«ملكها» ظاهر كلامه أنه يعود إلى القيمة؛ لأنه قال:«وإذا نقصت قيمة المسروق، أو ملكها» أي: القيمة، وليس كذلك، بل المراد ملك العين المسروقة، فإن القطع لا يسقط.