«باب العَارِيَّة» ويقال: العَارِيَة سمِّيت بذلك؛ لأنها عارية عن العوض ولهذا قال:
«وهي إباحة نفع عين تبقى بعد استيفائه» فالعارية في الأصل بذل الشيء بلا عوض، على غير وجه التمليك.
وقوله:«وهي إباحة» من المعير للمستعير «نفع عين تبقى» ـ أي: العين ـ «بعد استيفائه» أي: استيفاء النفع.
وقوله:«نفع عين تبقى بعد استيفائه» أي: تبقى العين بعد استيفائه، فإن أعاره ما لا يبقى بعد استيفائه فليست عارية ولكنها منحة، مثل أن يعيره تمراً أو خبزاً أو ما أشبه ذلك، وتصوُّر ذلك أن يكون جاره عنده ضيوف فيقول: أنا عندي ضيوف يحتاجون إلى أن أقدم لهم طعاماً متنوعاً، فيقول: نعم أنا عندي طعام متنوع أعيرك إياه، فيقال: هذا إذا دلت القرينة على أنه لا يريد عوضاً فهو هبة وهدية، وإن دلت القرينة على أنه يريد العوض فهو بيع، كأن يقول: ما أُكِلَ فهو عليك بكذا بقيمته، وما لم يؤكل يرد إليه، وهذا يقع كثيراً عند أهل المطاعم، يقدمون أطعمة متنوعة يَصُفُّها صاحب البيت أمام الضيوف، فما أُكل منها فهو بحسابه وما لم يؤكل فإنه يرده عليه، وهذا ـ وإن كان فيه نوع من الغرر والجهالة ـ لكنه يُتسامح فيه عادة، المهم أنه لا بد أن تبقى العين بعد استيفاء المنفعة.