للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواب: يقول العلماء: إن القتال الواقع بين هؤلاء غير مقصود في الحقيقة، ولذلك لا يمنع التوارث، وقد سبق في كتاب الفرائض أنه إذا قتل العادلُ الباغيَ، أو الباغي العادلَ فإنهم يتوارثون.

وذهب بعض العلماء إلى أنه إن كان القاتلُ العادلَ ورث من الباغي، وإن كان القاتلُ الباغيَ لم يرث من العادل؛ لأن قتال العادل بحق، وقتال الباغي بغير حق، وسبق لنا أن هذا قول قوي جدّاً، وأما المذهب فكل منهما يرث الآخر؛ لأن هذا قتال بتأويل.

وَإِنِ اقْتَتَلَتْ طَائِفَتَانِ لِعَصَبِيَّةٍ أَوْ رِئَاسَةٍ فَهُمَا ظَالِمَتانِ، وَتَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مَا أَتْلَفَتْ عَلَى الأُْخْرَى.

قوله: «وَإِنِ اقْتَتَلَتْ طَائِفَتَانِ لِعَصَبِيَّةٍ أَوْ رِئَاسَةٍ فَهُمَا ظَالِمَتَانِ» إن اقتتلت طائفتان من المؤمنين لعصبية أو رئاسة، والفرق بينهما، أن العصبية يكون سببها التفاخر، لا يريد أحد أن يعلو على أحد، لكن تشاجروا فيما بينهم، فقالت كل طائفة للأخرى: أنت القبيلة الفلانية، فيك كذا وكذا، فحَمِيَ الأمر بين الطائفتين، فاقتتلتا.

أما الرئاسة، فكل طائفة تريد أن تكون لها الرئاسة على الأخرى، يعني يريدون أن يكتسحوهم، ويضموهم إليهم، فهما ظالمتان، ولكن هل تَكْفُران؟ لا؛ لأن قتال المؤمن ليس كفراً مخرجاً عن الملة، وقتله ـ أيضاً ـ ليس كفراً مخرجاً عن الملة، فماذا نعمل؟ يقول الله ﷿: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ *﴾ ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ﴾ [الحجرات: ٩، ١٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>