الأربع إلى الركعتين، بل هي من الأصل ركعتان، والرخصة هو التحويل من الأثقل إلى الأخف، أما صلاة المسافر فهي مفروضة من أول الأمر ركعتين، وعلى هذا فيجوز للمسافر سفراً محرماً أن يصلِّي ركعتين، ولا يشترط على هذا الرأي إباحة السفر، وهذا القول قول قوي، لأن تعليله ظاهر، فالقصر منوط بالسفر على أن الركعتين هما الفرض فيه، لا على أن الصلاة حوّلت من أربع إلى ركعتين، كما ثبت ذلك في «صحيح البخاري» وغيره عن عائشة ﵂: «أن أول ما فرضت الصلاة ركعتين، ثم هاجر رسول الله ﷺ فزيد في صلاة الحضر وأقرت صلاة السفر على ركعتين»(١) وحينئذ تبين أن الركعتين في السفر عزيمة لا رخصة وعليه فلا فرق بين السفر المحرم والسفر المباح.
وقال بعض العلماء: لا قصر إلا في سفر الطاعة كالحج والعمرة، وزيارة الوالدين ونحوها، وأما المباح فلا قصر فيه، وهذا القول مقابل لقول من قال: إنه يقصر حتى في السفر المحرم.
أَرْبَعَة بُرُدٍ ...........
قوله:«أربعة برد» هذا هو الشرط الثاني من شروط القصر.
والبرد: جمع بريد، والبريد نصف يوم وسمّي بريداً، لأنه فيما سبق كانوا إذا أرادوا المراسلات السريعة يجعلونها في البريد، فيرتبون بين كل نصف يوم مستقراً ومستراحاً يكون فيه خيل إذا وصل صاحب الفرس الأول إلى هذا المكان نزل عن
(١) أخرجه البخاري، كتاب الصلاة، باب كيف فرضت الصلاة في الإسراء (٣٥٠)؛ ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة المسافرين وقصرها (٦٨٥) (١).