للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودليل ذلك قول النبي للنساء اللاتي يغسلن ابنته: «ابدأن بميامنها، ومواضع الوضوء منها» (١).

وليس على سبيل الوجوب بدليل أمر النبي أن يغسل الرجل الذي وقصته ناقته بعرفة فمات، فقال: «اغسلوه بماءٍ وسدر» (٢)، ولم يقل: وضئوه، فدل على أن الوضوء ليس على سبيل الوجوب، بل على سبيل الاستحباب.

ولو قال قائل: ألا يدل قوله : «ابدأن بميامنها، ومواضع الوضوء منها» على استحباب الوضوء؛ لأنه قرنه بالبدء بالميامن وهو مستحب؟ فنقول: لا يتم الاستدلال به على ذلك؛ لأن هذا من باب دلالة الاقتران وهي ضعيفة، بل الذي يصح دليلاً على الاستحباب: حديث الذي وقصته ناقته، وقد ذكرنا وجهه.

وَلَا يُدْخِلُ المَاءَ فِي فِيهِ، وَلَا فِي أَنْفِهِ، وَيُدْخِلُ إصْبَعَيْهِ مَبْلُوْلَتيْنِ بِالْمَاءِ بَيْنَ شَفَتَيْهِ فَيَمْسَحُ أَسْنَانَهُ،، وَفِي مِنْخَرَيهِ فَيُنَظِّفُهُمَا، وَلَا يُدْخِلُهُمَا المَاءَ، ثُمَّ يَنْوِي غَسْلَهُ، وَيُسَمِّي، ............

قوله: «ولا يدخل الماء في فيه ولا في أنفه»، أي: لا يدخل الماء في فيه بدل المضمضة، ولا في أنفه بدلاً عن الاستنشاق؛ لأن الحي إذا أدخل الماء تمضمض به ومجّه وخرج، والميت لو صببنا الماء في فمه لانحدر لبطنه وربما يحرك ساكناً، وكذلك نقول في مسألة الاستنشاق: الميت لا يستنشق الماء، ولا يستطيع أن يستنثره، وحينئذٍ نقول: لا تدخل الماء في فمه ولا أنفه.

قوله: «ويدخل إصبعيه مبلولتين بالماء بين شفتيه فيمسح


(١) أخرجه البخاري (١٢٥٦)؛ ومسلم (٩٣٩) (٤٢) عن أم عطية .
(٢) سبق تخريجه ص (٢٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>