للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النِّساء اللاتي غسَّلن ابنته، لم يأمرهم النبيُّ بالاغتسال (١).

فالجواب على ذلك:

١ ـ أن عدم الأمر في القضيَّة المعيَّنة لا يلزمُ منه نفيُ الأَمْرِ الوارد من طريق آخر إِذا صَحَّ.

٢ ـ أنَّنا لا نقول بوجوب هذا الغُسْلِ، فَعَدَمُ الأمر في موضعه يدلُّ على عَدَمِ الوُجوب، لكن لا يدلُّ على نفي المشروعيَّة مطلقاً إِذا جاء مِنْ طريق آخر صحيح.

أوْ أفاقَ من جُنُونٍ، إو إِغماءٍ .......

قوله: «أو أفاقَ مِنْ جُنُونٍ، أو إِغماءٍ»، هذا هو الثَّاني والثَّالث من الأغْسال المستحبَّة.

والجنون: زوال العقل، ومنه الصَّرَعُ فإِنَّه نوع من الجُنُون.

والإغماء: التَّغطية، ومنه الغَيْم الذي يُغطِّي السَّماء .....

فالإِغماء: تغطية العقل، وليس زواله، وله أسباب متعدِّدة منها: شِدَّة المَرضِ كما حَصَلَ للنبيِّ ، فإِنه في مَرَضِه أُغْمِيَ عليه ثم أفاق، فقال: أَصَلَّى الناسُ؟ قالوا: لا، وهم ينتظرونك، فأَمَرَ بماء في مِخْضَبٍ ـ وهو شبيه بالصَّحن ـ فاغتَسَلَ؛ فقام لِيَنُوءَ فأُغْمِيَ عليه مرَّة ثانية، فلما أفاق قال: أصلَّى الناسُ؟ قالوا: لا، وهم ينتظرونك» (٢)، الحديث.

فهذا دليل على أنَّهُ يُغتسل للإِغماء، وليس على سبيل الوجوب، لأن فِعْلَهُ المجرَّد لا يدُلُّ على الوُجوب.


(١) تقدم تخريجهما، ص (٣٠٩، ٣٤٢).
(٢) رواه البخاري، كتاب الأذان: باب إنما جُعل الإِمام ليؤتم به، رقم (٦٨٧)، ومسلم، كتاب الصلاة: باب استخلاف الإِمام إِذا عرض له عذر، رقم (٤١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>