للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأفادنا أنَّه لو أخبره الثقة عن اجتهاد، فإنه لا يعمل بقوله، مثل: جماعة في سفر، كلُّهم لا يعرفون القِبْلة، ولا يستطيعون الاجتهاد إلى جهتها، لكن واحداً منهم يعرف ذلك عن اجتهاد، فظاهر كلام المؤلف أننا لا نأخذ بقوله، ولكن هذا فيه نظر.

والصَّواب: أنه لو أخبره ثقة سواءٌ أخبره عن يقين أم عن اجتهاد، فإنه يعمل بقوله كما نعمل بقول الثِّقة بالاجتهاد في مسائل الدِّين؛ الحلال والحرام والواجب، فكيف لا نعمل به في إخباره بالقِبْلة؟

أَوْ وَجَدَ مَحَارِيْبَ إِسْلامِيّةً ..........

قوله: «أو وَجَدَ محاريبَ إسلاميَّة»، هذا هو الثاني مما يُستدلُّ به على القِبْلة: المحاريب الإسلامية، فإذا وجد محاريبَ إسلاميَّة فإنه يعمل بها؛ لأن الغالب بل اليقين أن لا تُبنى إلا إلى جهة القِبْلة. والمحاريب: جمعُ مِحْرَاب، وهو طَاقُ القِبْلة الذي يقف نحوه الإمام في الجماعة.

وقوله: «محاريب إسلامية»، يُفهم منه أن المسلمين لا زالوا يستعملون المحاريب، وأن لهم محاريبَ خاصَّة تتميَّز عن محاريب النَّصارى وغيرهم، وهو كذلك.

وقد اختلف العلماء في اتِّخاذ المِحراب؛ هل هو سُنَّة؛ أم مستحبٌّ؛ أم مباح (١)؟ والصَّحيح أنَّه مستحبٌّ، أي: لم تَرِدْ به السُّنَّة، لكن النُّصوص الشَّرعيَّة تدلُّ على استحبابه؛ لما فيه من المصالح الكثيرة، ومنها بيان القِبْلة للجاهل.

وأما ما رُويَ عن النبيِّ من النَّهي عن


(١) انظر: «الفروع» (٢/ ٣٧، ٣٨)، «الإنصاف» (٤/ ٤٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>