للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختار شيخ الإسلام في هذا كله أنه لا عدة، وإنما هو استبراء، وهو القول الراجح؛ لأن الله تعالى إنما أوجب ثلاث حيض على المطلقات من أزواجهن، وعليه فلا عدة بالقروء الثلاثة إلا للمطلَّقة فقط.

بقيت المطلقة طلاقاً ثلاثاً فهل تعتد أو تستبرأ؟

جمهور العلماء على أنها تعتد بثلاث حيض؛ لعموم قوله تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾، ولكن شيخ الإسلام قال: إن كان أحد قال بالاستبراء فهو أصح، وقال: إن سياق الآية ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ يدل على أن المراد المطلقات طلاقاً رجعياً؛ لقوله في آخرها: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ وهذا ليس له حق الرجعة، فليس بعلاً، وقد ذكروا عن ابن اللبان ـ وهو من السلف القدماء ـ أنه يرى أنه لا تعتد وإنما تستبرأ، ولكن لا شك أن الأحوط أن تعتد للعموم، وقد مر علينا قاعدة: أنه إذا جاء لفظ عام، ثم أعيد حكم ينطبق على بعض أفراده فإنه لا يقتضي التخصيص، وهذه المسألة من هذا الباب.

وَإِنْ وُطِئَتْ مُعْتَدَّةٌ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَأَتَمَّتْ عِدَّةَ الأَوَّلِ، وَلَا يُحْتَسَبُ مِنْهَا مُقَامُهَا عِنْدَ الثَّانِي، ثُمَّ اعتَدَّتْ لِلثَّانِي، وَتَحِلُّ لَهُ بِعَقْدٍ بَعْدَ انْقِضَاءِ العِدَّتَيْنِ، ....

قوله: «وإن وطئت معتدة بشبهة، أو نكاح فاسد، فُرِّقَ بينهما» يريد بالشبهة هنا شبهة الاعتقاد؛ لأن شبهة العقد داخلة في قوله: «أو نكاح فاسد».

وقوله: «وإن وطئت معتدة بشبهة» صورتها أنه طلق زوجته وشرعت في العدة، فجاء شخص آخر فوطئها بشبهة، وهذا الوطء يحتاج إلى عدة كما هو المذهب، والمؤلف يفرّع على المذهب.

وقوله: «أو نكاح فاسد» النكاح الفاسد يريد به هنا النكاح

<<  <  ج: ص:  >  >>