للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويشرب حتى يتَّفقا بأن يقول الثَّاني: طلع الفجر (١)، أما إذا كان أحد التقويمين صادراً عن أعلم أو أوثق فإنَّه يقدَّم.

فَإِنْ تَشَاحَّ فيه اثْنَانِ قُدِّمَ أَفْضَلُهُمَا فيه، ثُمَّ أَفْضَلُهُمَا فِي دِيْنِهِ وعَقْلِهِ، ..........

قوله: «فإن تَشاحَّ فيه اثنان قُدِّمَ أفضلُهُما فيه»، تشاحَّ: أي: تزاحما فيه، وهذا في مسجد لم يتعيَّن له مؤذِّن، فإن تعيَّن بقي الأمر على ما كان عليه لقول النبيِّ : «لا يَؤُمَّنَّ الرَّجلُ الرَّجلَ في سُلطانه» (٢)، فيقال: وكذلك أيضاً لا يؤذِّن الرَّجلُ في سلطان مؤذِّن آخر.

وقوله: «قُدِّم أفضلُهُما فيه»، أي: أقومهما في الأذان من حُسنِ الصَّوت، والأداء، والأمانة، والعلم بالوقت، وذلك لأنَّهما قد تزاحما في عمل فقُدِّم أفضلهما فيه، وقد قال الله: ﴿إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ﴾ [القصص: ٢٦].

وقوله: «فيه» خرج به ما لو كان أحدُهما أقرأ، لكنَّه دون الآخر فيما يتعلَّق بالأذان؛ فلا يُقدَّم على الآخر.

قوله: «ثم أفضلُهُمَا في دينه وعقلِهِ»، أي: أطوعهما لله. وقوله: «وعَقْلِهِ» المراد: حُسن التَّرتيب، فيستطيع أن يرتِّبَ نفسه، ويجاري النَّاس بتحمُّلِهم في أذاهم، ولم يذكر المؤلِّف أفضلهما في علمه، وهذا أمرٌ لا بُدَّ منه، فإنَّنا نقدم أعلمهما، ورُبَّما قال قائل: هذا داخل في قوله: «أفضلهما فيه»، فنقول: إن تَحَمَّلَتْهُ الكلمة فهذا هو المطلوب، وإلا فَيَجِبُ أن نراعيَها.


(١) انظر: «الإقناع» (١/ ٥٠٤).
(٢) رواه مسلم، وقد تقدم تخريجه ص (٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>