وَالوَقْفُ عَقْدٌ لَازِمٌ لا يَجُوزُ فَسْخُهُ وَلَا يُبَاعُ، .............
وقوله:«والوقف عقد لازم لا يجوز فسخه»
يعني ثابتاً لا يمكن تغييره، ولا يجوز فسخه؛ لأنه مما أخرج لله ـ تعالى ـ فلا يجوز أن يرجع فيه كالصدقة، فمن حين أن يقول الرجل: وقفت بيتي، أو وقفت سيارتي، أو وقفت كتابي فإنه يلزم، وليس فيه خيار مجلس بخلاف الوصية، فالوصية ليست عقداً لازماً في الحال، بل لا تكون إلا بعد الموت.
أما الوقف المعلق بالموت كما لو قال: هذا وقف بعد موتي، فالمذهب أنه لازم من حين قوله ولا يمكن فسخه، لكن مع ذلك لا ينفذ منه إلا ما كان من ثلث المال فأقل، فيجعلونه وصية من وجه ووقفاً من وجه، وهذا غير صحيح، فلا يمكن أن نعطي عقداً حكمين مختلفين، فإما أن نقول: إنه يلزم في الحال ونلغي التعليق، وإذا قلنا بأنه يلزم في الحال لزم، سواء كان الثلث أو أكثر أو أقل، وإما أن نقول: لا يلزم إلا بعد الموت، وحينئذٍ يكون من الثلث فأقل، وهذا هو الصحيح؛ لأن الرجل علق الوقف بشرط وهو الموت، فلا يمكن أن ينفذ قبل وجود الشرط، فلا ينفذ إلا بعد الموت ويكون من الثلث فأقل.
مثال ذلك: قال رجل: إذا مت فبيتي وقف، أو إذا مت فمكتبتي وقف، فالمذهب أنه ينفذ من الآن ولا يمكن أن يبيع شيئاً من هذا؛ لأنه نفذ، لكن إذا مات فإن أجاز الورثة الوقف نفذ، وإن لم يجيزوه لم ينفذ منه إلا مقدار ثلث التركة.