للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: كيف لا يكون عليهما الضمان، مع أنه لولا مندوب السلطان لم تمُت؟

الجواب: أن مثل هذا لا يحصل به الموت عادة، وما لم يكن معتاداً فليس فيه ضمان، كما لو دخَلْتَ على شخص وسَلَّمْتَ عليه، وهو يهابُك هيبة عظيمة، فلما صافحته وهززت يده مات، فهنا لا تضمنه؛ لأنه لم تجرِ العادة بأن يموت الإنسان بمثل هذا العمل.

وهناك قول آخر ـ وهو المذهب ـ أنهما ضامنان؛ لأنها هلكت بسببهما، ولكن يجاب عنه بما سبق، من أن مثل هذا الفعل ليس سبباً للقتل إطلاقاً، وقد جرت عادة الناس بمثله.

وَمَنْ أَمَرَ شَخْصاً مُكلَّفاً أَنْ يَنْزِلَ بِئْراً، أَوْ يَصْعَدَ شَجَرَةً فَهَلَكَ بِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ، ......

قوله: «ومن أمر شخصاً مكلفاً أن ينزل بئراً، أو يصعد شجرة، فهلك به لم يضمنه».

فقوله: «شخصاً» أي: ذكراً أو أنثى.

وقوله: «مكلفاً» أي: بالغاً عاقلاً.

وقوله: «لم يضمنه» أي: الآمر.

فلو أمر شخصاً مكلفاً أن ينزل بئراً، فلما نزل زلَّت قدمه فسقط في البئر فمات، فلا ضمان على الآمر؛ لأن النازل بالغ عاقل يعرف الذي ينفعه، والذي لا ينفعه، وكان بإمكانه أن يقول: لست بنازل، إلاَّ إذا كان الآمر يعلم أن في البئر ما يكون سبباً للهلاك، ولم يخبره، كأن تكون البئر ملساء، لا يستطيع الإنسان النزول فيها، لكنه لم يُعلمه ذلك، فعليه الضمان؛ لأنه غرَّه،

<<  <  ج: ص:  >  >>