للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا إذا كانت غير مركبة على الفم، فإن كانت مركبة على الفم فلا يجوز؛ لأنه يتلطخ بالدم النجس، ويكون متشبهاً بالسباع.

الثَّالِثُ: قَطْعُ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ، فَإِنْ أَبَانَ الرَّأْسَ بِالذَّبْحِ لَمْ يَحْرَمِ الْمَذْبُوحُ، وَذَكَاةُ مَا عُجِزَ عَنْهُ مِنَ الصَّيْدِ، وَالنَّعَمِ الْمُتَوَحِّشَةِ، وَالْوَاقِعَةِ فِي بِئْرٍ وَنَحْوِهَا، بِجَرْحِهِ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ مِنْ بَدَنِهِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ رَأْسُهُ فِي الْمَاءِ وَنَحْوِهِ فَلَا يُبَاحُ.

قوله: «الثالث: قطع الحلقوم والمريء» في الرقبة أربعة أشياء: ودجان، وحلقوم، ومريء.

«الودجان»: عرقان غليظان يحاذيان الحلقوم والمريء، ويسميان الشرايين.

«الحلقوم»: مجرى النفس.

«المريء» مجرى الطعام والشراب.

والحلقوم قصب مضلَّع، وهذا من حكمة الله ـ تعالى ـ أن جعله قصبة؛ لأن الحلقوم لو كان كالمريء لم يخرج النفس، ولو خرج لكان بمشقة شديدة، لهذا جعله الله قصبة، وجعله سبحانه ذا أضلاع، لأجل سهولة المضغ، وسهولة تنزيل الرأس ورفعه، والله حكيم ورحيم.

والحلقوم أعلى من المريء من جهة الجلد، أما من جهة الرقبة فالمريء أعلى.

فلا بد من قطع الحلقوم والمريء؛ لأن بقطعهما فقد الحياة، وأما الودجان فظاهر كلام المؤلف أنه لا يشترط قطعهما.

والدليل على اشتراط قطع الحلقوم والمريء أن هذا هو الذبح، وهو معروف عند العرب، أن الذابح يأتي على الرقبة فيقطع الحلقوم والمريء، وتعليل آخر أن بذهابهما ذهاب الحياة، فإذا انفتح الحلقوم مات الحيوان، إلا أن يبادر ويعالج فربما يعيش، وكذلك المريء مجرى الطعام والشراب، فإن الطعام مادة

<<  <  ج: ص:  >  >>