وقوله:«العادة» فيه دليل على أن المرجع في الحرز إلى العرف، وليس إلى الشرع؛ لأن الشرع أطلق ولم يقيد، وكل شيء يطلقه الشارع ولم يقيده فإنه يرجع فيه إلى العرف، إذا لم يكن له حقيقة شرعية.
قوله:«وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الأَمْوَالِ، وَالْبُلْدَانِ، وَعَدْلِ السُّلْطَانِ، وَجَوْرِهِ، وَقُوَّتِهِ، وَضَعْفِهِ» ليس حرز الأموال واحداً، فلو أن رجلاً جاء إلى حوش غنم، وسرق منها شاة، فقد سرقها من الحرز، فلو قال السارق: أنا لم أسرقها من الحرز؛ لأن الأموال تحفظ في الصناديق الحديدية، مثل الذهب، قلنا: الحرز هو ما العادة حفظه فيه، ولم تجرِ العادة أن نضع الغنم في الصناديق!!
ويختلف ـ أيضاً ـ باختلاف البلدان، فهل نقول: المدن الكبيرة تحتاج إلى حرز أشد من القرى، أو نقول: القرى الصغيرة تحتاج إلى حرز أشد؟ أحياناً تحتاج المدن الكبيرة إلى حرز أشد؛ لا سيما إذا كان فيها أجناس مختلفة من الوافدين، وأحياناً تحتاج الصغيرة إلى حرز أشد؛ لأن أهلها قليلون، ويسطو عليها اللصوص أكثر.
على كل حال، هذه البلدان ترجع إلى ما يتعارف عليه الناس، وقد تكون هذه القرى أحرز لقلة أهلها، وإمكان ولاتها أن يضبطوها، وقد يكون الأمر بالعكس.