للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك يختلف باختلاف عدل السلطان وجوره، والظاهر أن العدل أقوى من الجور في الحرز؛ لأن العدل من الإيمان، وقد قال الله ﷿: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ﴾ [الأنعام: ٨٢]، والإمام العادل، أو السلطان العادل يعينه الله ﷿ في حفظ الأمن أكثر مما يعين الجائر، وأيضاً الجائر لا يترك الناس السرقة إلا خوفاً منه، فإذا كان في حال غيبة ملاحظته فإنهم يتجرؤون على السرقة، فَأَمْنُ الناس في حكم السلطان الجائر أقل، وليس الجور كما يتصوره بعض الناس الشدة في الحكم، فمن الجور ألا يعدل في الرعية، ولهذا قال النبي لبشير بن سعد حين أعطى ابنه النعمان ما لم يعطِ إخوته قال: «إني لا أشهد على جَوْر» (١)، فمن جور السلطان ألا يعدل في الرعية، ولا شك أنه إذا لم يعدل في الرعية فإن الأمن يختل.

وأيضاً قوة السلطان وضعفه، فالأقرب إلى الإحراز ـ أيضاً ـ القوة، وهذا لا شك فيه أنه إذا كان السلطان قوياً فإن الأمن يستتب أكثر مما لو كان ضعيفاً، فإذا كان السلطان ضعيفاً، وجئنا نشتكي إليه سرقة الذهب من الصناديق، قال: المهم أنه ما جاءكم في الأعراض، الحمد لله!! فهذا ضعيف، وهو سبب للفوضى والسرقات.

إذاً كلما كان السلطان قوياً صار الحرز أقل، حتى إنه في


(١) أخرجه البخاري في الشهادات باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد (٢٦٥٠)، ومسلم في الهبات باب كراهة
تفضيل بعض الأولاد في الهبة (١٦٢٣) عن النعمان بن بشير .

<<  <  ج: ص:  >  >>