للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنيَّة ليست صعبة، وإن كانت عند بعض أهل الوسواس صعبة؛ لأنَّ كُلَّ عاقل مختار يعمل عملاً فلا بُدَّ أن يكون مسبوقاً بالنيَّة، فلو قُرِّبَ لرَجُلٍ ماءٌ، ثم سَمَّى وغسلَ كفَّيه، ثم تمضمض واستنشق … إِلخ؛ فإِن هذا لا يُعقل أن يكون بدون نيَّة.

ولهذا قال بعض العلماء : لو أنَّ الله كلَّفنا عملاً بدون نيَّة؛ لكان من تكليف ما لا يُطاق (١). فلو قال الله: صلُّوا ولا تنووا، فإِنَّه غير ممكن، حتى قال شيخ الإسلام: إِذا تعشَّى الإِنسان لياليَ رمضان فإِن عشاءه يدلُّ على نيَّته ولو لم ينوِ الصِّيام من الغد؛ وذلك لأنَّه لن يُكثر من الطَّعام كما يُكثره في سائر أيامه؛ لأنه سوف يتسحَّر آخر الليل.

لِطَهَارةِ الأحْداثِ كلِّها، ............

قوله: «لطهارة الأحداث كلِّها»، الحَدَثُ: معنًى يقوم بالبَدَن يمنع من فعل الصَّلاة ونحوها، هذا في الأصل.

وأحياناً يُطلقُ على سَبَبِهِ، فيُقال: للغائط حَدَثٌ، وللبول حَدثٌ، ومنه قوله : «لا يقبل الله صلاةَ أحدكم إِذا أحدث حتى يتوضَّأ» (٢).

وخرج بقوله: «طهارة الأحداث» طهارة الأنجاس، فلا يُشترطُ لها نيَّةٌ، فلو عَلَّق إِنسانٌ ثوبه في السَّطح، وجاء المطرُ حتى غسله، وزالت النَّجَاسةُ طَهُرَ؛ مع أن هذا ليس بفعله، ولا بنيَّته.


(١) انظر: «مجموع الفتاوى» (١٨/ ٢٦٢).
(٢) رواه البخاري، كتاب الوضوء: باب لا تُقبلُ صلاةٌ بغير طهور، رقم (١٣٥)، ومسلم، كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، رقم (٢٢٥). من حديث أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>