قوله:«وعكسُه البهيمةُ» يعني أن لبن البهيمة غير محرم، فلو فرضنا أن طفلين ارتضعا من بهيمة، كل واحد رضع خمس مرات، هل يكونان أخوين من الرضاع؟! لا، وإلا لأصبح أهل البيت إذا كانوا يشربون من لبن بقرة واحدة إخوة.
فنستفيد من هذا أنه يشترط أن يكون اللبن من آدمية، وكلمة «من آدمية» يخرج بها الحيوان الآخر كالبهائم، ويخرج به ـ أيضاً ـ الرجل، فلو ارتضع طفلان من رجل لم يصيرا أخوين، وقد ذكر العلماء أنه يتصور، فلا يكونون أولاداً له؛ لأن الله قال: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ﴾ وهذا ليس بوالدة.
قوله:«وغَيْرُ حُبْلَى» يعني لو أن امرأة أرضعت طفلاً بدون حمل، وهذا يقع كثيراً فإن بعض الصبيان يبكي، فتأتي امرأة ليس فيها لبن ولم تتزوج فتلقمه ثديها تريد أن تسكته، ومع المص تدر عليه، ويكون فيها لبن، ويرضع خمس مرات أو أكثر، فهل يكون ولداً لها؟ يقول المؤلف: لا؛ لأنه حصل من غير حمل، وهذا التعليل لا يكفي في عدم إثبات هذا الحكم المهم، والصواب الذي عليه الأئمة الثلاثة أنه محرِّم، وأن الطفل إذا شرب من امرأة خمس مرات فإنه يكون ولداً لها، سواء كانت بكراً، أم آيسة، أم ذات زوج، فهو محرم بالدليل والتعليل.
فالدليل: عموم قول الله ﵎: ﴿وَأُمَهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ﴾ وليس في الكتاب ولا في السنة اشتراط أن يكون اللبن ناتجاً عن حمل فتبقى النصوص على عمومها.