للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتُبَاحُ إِعَارَةُ كُلِّ ذِي نَفْعٍ مُبَاحٍ، إِلاَّ البُضْعَ، وَعَبْداً مُسْلِماً لِكَافِرٍ، وَصَيْداً وَنَحْوَهُ لِمُحْرِمٍ، وَأَمَةً شَابَّةً لِغَيْرِ امْرَأَةٍ أَوْ مَحْرَمٍ. .....................

قوله: «وتباح إعارة كل ذي نفع مباح» لم يبيِّن المؤلف حكم العارية بالنسبة للمعير أو للمستعير، وإنما بيَّن حكم المُعار، فنقول: العارية بالنسبة للمستعير جائزة ولا تُعد من السؤال المذموم لجريان العادة بها، فيجوز للإنسان أن يستعير من أخيه قلماً أو ساعة أو سيارة أو إناءً أو ما أشبه ذلك، هذا بالنسبة للمستعير، أما بالنسبة للمعير فإنها سُنَّة على الأصل وقد تجب أحياناً، فهي سُنَّة لدخولها في عموم قول الله : ﴿وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [البقرة: ١٩٥] وهي إحسان بلا شك فتدخل في عموم الآية، وقد تجب أحياناً، كإعارة شخص رداء يدفع به ضرر البرد، فهذه واجبة فلو طلب منك شخص في برد شديد أن تعطيه رداء يلتحف به، وجب عليك أن تعطيه، وضابط ذلك أنه متى توقف عليها إنقاذ معصوم صارت واجبة، ومن ذلك عند كثير من العلماء إعارة المصاحف؛ لأن المصحف يجب أن يبذل لمن أراد أن يتعلم به.

ومن ذلك ـ أيضاً ـ إعارة الكتب التي يحتاج إليها الناس فتجب إعارتها، لكن يشترط في ذلك ضرورة المستعير وعدم تضرر المعير، فلو قال المعير فيما إذا طلب منه استعارة مصحف: إني لو أعطيت هذا الرجل مصحفاً لأفسده، فإنه لا تجب عليه الإعارة، وكذلك لو قال: إن أعطيته الكتاب أفسده فلا تجب الإعارة؛ لأن فيها ضرراً على المعير، ويوجد بعض الناس ـ الذين يجتهدون وهم مخطئون ـ إذا استعار كتاباً جعل يعلق عليه، والكتاب ليس له، فتجده يملأ الكتاب تعليقاً بين الأسطر وعلى الهوامش وبالحواشي وبالأعالي حتى لا تكاد تقرأ

<<  <  ج: ص:  >  >>