للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا محلُّ احتمال، وقد سبق أن الاستفتاحات الواردة لا تُقال جميعاً، إنما يُقال بعضها أحياناً وبعضها أحياناً (١)، وبيَّنا دليل ذلك، لكن أذكار الرُّكوع المعروفة تُقال جميعاً عند عامَّة العلماء.

ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَدَيْهِ قَائلاً إِمَامٌ وَمُنْفَرِدٌ: «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَه».

قوله: «ثم يرفع رأسه» مراده: يرفعُ رأسَه وظهرَه، لأنَّ المؤلِّفَ قال: «ثم يركع» والرُّكوع هو انحناء الظَّهر.

قوله: «ويديه» أي: ويرفع يديه، والمراد إلى حذو منكبيه، كما سَبَقَ في رفعهما عند تكبيرة الإحرام.

ورفعهما هنا سُنَّة ثَبَتَت في حديث ابنِ عُمر الثابت في «الصحيحين» وغيرهما أنَّ النبيَّ : «كان يرفعُ يديه إذا كَبَّرَ للرُّكوعِ، وإذا رَفَعَ مِن الرُّكوعِ» (٢).

قوله: «قائلاً إمام ومنفرد: سَمِع الله لمن حمده». «قائلاً» حال من فاعل «يرفع» إذاً؛ فيكون القول في حال الرَّفْعِ، ويكون هذا الذِّكْرُ «سَمِعَ اللهُ لمَن حَمِدَه» مِن أذكار الرَّفْعِ، فلا يُقال قبل الرَّفْعِ، ولا يُؤخَّر لما بعدَه، ويُقال في هذا ما قيل في التكبير للرُّكوعِ، فمن العلماء من قال: يجب أن يكون قوله: «سَمِعَ اللهُ لمَن حَمِدَه» ما بين النهوض إلى الاعتدال، فإن قاله قبل أن ينهض، أو أخَّرَ بعضه، أو كلَّه حتى اعتدل فلا عِبْرة به.

لكن؛ سَبَقَ لنا أن الأمر في هذا واسعٌ، وأنه لا ينبغي إلحاق الحَرَجِ بالنَّاسِ في هذا الأمر (٣).


(١) انظر: ص (٥٢).
(٢) تقدم تخريجه ص (٢٦).
(٣) انظر: ص (٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>