فيلزمهم أن يتموا ذا القعدة ثلاثين يوماً، ومن فعل ما أمر به على وجه أمر به فإنه لا يلزمه القضاء؛ لأننا لو ألزمناه بالقضاء لأوجبنا عليه العبادة مرتين.
وإن وقف يسير منهم فأخطأوا فإن حجهم غير صحيح، بل نقول: إذا وقف اليسير منهم فإنهم مخطئون بكل حال؛ لأن الواجب عليهم الرجوع إلى ما عليه الجماعة، فلو تعنَّت أناس فقالوا: لا يمكن أن يكون الهلال هَلَّ البارحة، فمنازل الهلال ضعيفة، ولا نقبل أن يكون اليوم التاسع عند هؤلاء هو اليوم التاسع بل هو اليوم الثامن، وسنقف في اليوم العاشر، والعاشر عند الناس التاسع على زعمهم، فإننا نقول لهؤلاء: إن حجهم غير صحيح.
ثم انتقل المؤلف إلى الإحصار فقال:«ومن صده عدو عن البيت أهدى ثم حل»، أي: منع عن وصوله إلى البيت، سواء في عمرة أو في حج فإنه يهدي، أي يذبح الهدي ثم يحل لقول الله ﵎: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالَعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ [البقرة: ١٩٦]، أي فعليكم ما استيسر من الهدي، ولأن النبي ﷺ:«أمر أصحابه في الحديبية أن ينحروا ويحلوا، وأهدى ثم حل»(١).
وقوله:«ومن صده عدو»، «من» يجوز أن تكون موصولة وأن تكون شرطية، وعلى كل تقدير فهي للعموم، فتعم ما إذا كان الصد عاماً أو كان خاصاً، فالعام أن يصد كل الحجيج لا قدر الله
(١) سبق تخريجه ص (١٣) من حديث مروان المسور بن مخرمة ـ رحمهما الله ـ.