ويوجد بنوك تقبل الوديعة، بمعنى أن الدراهم التي تعطى إياها تجعلها في صناديق معينة محفوظة لا يتصرف فيها البنك، فهذه وديعة محضة.
وإن سافر بها ولم يجد ثقة يودعها عنده وربها غائب فماذا يصنع؟ يعطيها الحاكم؛ لأن الحاكم ولي من ليس له ولي، والدليل على هذا التفصيل قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ [النساء: ٥٨] وهذا أمر بكل ما يلزم للأداء، فالأمر بالأداء أمر به وبما لا يتم إلا به، ومعلوم أنه في مثل هذه الحال إذا كان السفر عرضة للضياع، فإن بقاءها عند ثقة هو الذي فيه الأداء.
قوله:«ومن أودِع دابة فركبها لغير نفعها» فهو ضامن، مثل فرس أو بعير أودعه عنده فركبه لغير نفعه فهو يضمن ضمان تعدٍّ لا تفريط، إن تلف من هذا العمل أو من بعده أيضاً؛ لأنه بتعديه زال عنه وصف الأمانة وصارت يده يد متعدٍّ كالغاصب فيكون ضامناً بكل حال، سواء تعدى أو فرط، أو لم يتعدَّ ولم يفرط، وسواء تلف الشيء بنفس العمل أو بما بعده.
فهذا رجل مشغوف بركوب الخيل وأودِع فرساً فجعل كل يوم يسابق عليه، أو كل يوم يركضه لغير نفع الفرس، فإنه يضمن إن تلف في نفس الاستعمال، أو في غير نفس الاستعمال حتى لو أدخله في الحرز، أما كونه يضمن في نفس الاستعمال فواضح وأما كونه يضمن بعده فلأنه باستعماله إياه صارت يده غير أمينة.
وعلم من قوله:«لغير نفعها» أنه لو ركبها لنفعها فليس