فيه: ﴿لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزِفُونَ *﴾ [الصافات] وهذا متعيِّن؛ لأن لدينا سُنَّة عن النبيِّ ﷺ بِعَدَمِ النَّجاسة.
ثم إِن شراب أهل الجنَّة ليس مقصوراً على الخمر، بل فيها أنهار من ماء ولَبَن وعسل، وكلُّها يُشرب منها، فهل يمكن أن يُقال: إِنَّ ماء الدنيا ولَبَنَها وعسَلَها نَجِس بمفهوم هذه الآية؟.
فإِن قيل: كيف تخالف الجمهور؟.
فالجواب: أن الله تعالى أمر عند التَّنازع بالرُّجوع إلى الكتاب والسُّنَّة، دون اعتبار الكثرة من أحد الجانبين، وبالرُّجوع إلى الكتاب والسُّنَّة يتبيَّن للمتأمِّل أنه لا دليل فيهما على نجاسة الخمر نجاسة حسيَّة، وإِذا لم يَقُم دليل على ذلك فالأصل الطَّهارة، على أننا بيَّنَّا من الأدلَّة ما يَدُلُّ على طهارته الطَّهارة الحسيَّة.
فَإِنْ خُلِّلَتْ أَوْ تَنَجَّسَ دُهْنٌ مائعٌ لم يَطْهُر، ..............
قوله:«فإِن خُلِّلَتْ»، الضَّمير يعود إِلى الخمرة، وتخليلها أن يُضاف إِليها ما يُذهِب شدَّتها المسْكِرة من نبيذ أو غيره، أو يصنع بها ما يذهب شدَّتها المسْكِرة.
والمشهور من المذهب: أنها إِذا خُلِّلَتْ لا تطهُر، ولو زالت شدَّتُها المسكرة، ولا فرق بين أن تكون خمرة خلاَّل، أو غيره؛ لأن بعض العلماء استثنى خمرة الخلاَّل وقال: إِنه يجوز تخليلُها (١)؛ لأن هذه هي كلُّ ماله، فإِذا منعناه من التَّخليل أفسدنا عليه ماله. ولكن الصَّحيح أنَّه لا فرق، وأن الخمر متى تخمَّرت أريقت؛ ولا يجوز أن تُتَّخذ للتَّخليل بخلاف ما إِذا تخلَّلت بنفسها فإِنها تطهُر وتحِلُّ.