للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك إذا جاء إليَّ شخص وقال: إن في ذمتك لي مائة درهم، فقلت: ليس لك عليَّ شيء، فإنكاري هذا قد يكون عن علم أو عن نسيان وقد يكون عن جهل، أي: إني لا أدري هل الذي يطلبني فلان أو فلان، فهذا جهل، فالمهم أنه ادعى علي وأنكرتُ إما عن علم أو جهل أو نسيان، مع ذلك قلت: ما دمت تدعي عليَّ بهذا وأنا لا أقر به، فلنجعل بيننا صلحاً، فأعطيك عن مائة الدرهم خمسين درهماً فيجوز وينفذ الصلح، ويلزم كل من الطرفين بما تم عليه الاتفاق، ولهذا قال المؤلف: «ثم صالح بمال صح».

وقوله: «بمال» يشمل الحالَّ والمؤجل، ولو صالح بمنفعة بأن قال: أصالحك على أن تسكن داري شهراً، يجوز؛ لأن المنفعة المباحة مال.

ولكن هل يدخل هذا في باب الإبراء، أو في باب البيع؟ الجواب:

وَهُوَ للْمُدَّعِيِ بَيْعٌ، يَرُدُّ مَعِيبَهُ وَيَفْسَخُ الصُّلْحَ وَيُؤْخذُ مِنْهُ بِشُفْعَةٍ، وَللآخَرِ إِبْراءٌ فَلَا رَدَّ وَلَا شُفْعَةَ، وَإِنْ كَذَبَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَصِحَّ فِي حَقِّهِ بَاطَناً وَمَا أَخَذَهُ حَرَامٌ …

قوله: «وهو للمدعي بيع» فإذا ادعى عليه بأن هذا المسجل ملكه، فقال: ليس ملكك، ثم تصالحا على مال، فالمدعي الآن يعتقد أنه أدخل ملكه على هذا الشخص بعوض، فهذا الصلح صحيح، لكن هو للمدعي بيع؛ لأنه يعتقد أن ما ادعاه حق، وأن ملكه انتقل إلى الآخر بعوض، وهذا هو حقيقة البيع، فهو له بيع، وإذا كان له بيع فإنه:

«يرد معيبه ويفسخ الصلح، ويؤخذ منه بشفعة» لأنه بيع،

<<  <  ج: ص:  >  >>