عن الجميع؛ حتى وإِنْ نوى أن لا يرتفع غيرُه، لأن الحدَثَ وصف واحد وإِن تعدَّدت أسبابه، فإِذا نوى رفعه من البول ارتفع.
ولا يعارض قوله ﷺ:«وإِنّما لكُلِّ امرئٍ ما نوى»، وهذا لم ينوِ إلا عن حدث البول؛ لأن الحدث شيء واحد، فإِذا نوى رفعه ارتفع، وليس الإِنسان إِذا بال في الساعة الواحدة مثلاً صار له حدث، وإِذا تغوَّط في الساعة الواحدة والنصف صار له حدث آخر وهكذا، بل الحَدَثُ واحدٌ، والأسباب متعدِّدةٌ.
أو غُسْلاً، فَنَوى بطَهَارَتِهِ أحَدَها ارتفعَ سَائِرُها، ويجبُ الإِتيانُ بها عند أوَّلِ واجباتِ الطَّهَارةِ، وهو التَّسْمِيَةُ، .........
قوله:«أو غُسْلاً فَنَوى بطَهَارَتِهِ أحَدَها ارتفعَ سائُرها»، أي: اجتمعت أحداث توجب غُسْلاً كالجماع، والإِنزال، والحيض، والنِّفاس بالنسبة للمرأة، فإذا اجتمعت ونوى بغُسْلِهِ واحداً منها، فإنَّ جميعَ الأحداث ترتفعُ.
وما يُقال في الحدثِ الأصغر، يُقالُ هنا.
قوله:«ويجب الإتيان بها عند أوَّل واجبات الطَّهارة، وهو التَّسمية»، أي: يجبُ الإِتيان بالنيَّة عند أوَّل واجبات الطَّهارة، وهي التَّسمية.
والنيَّة: عزمُ القلب على فعل الطَّاعة تقرُّباً إلى الله تعالى.
والمؤلِّفُ أراد الكلام على محل النيَّة، أي: متى ينوي الإنسان؟
وقوله:«عند»، هذه الكلمة تدلُّ على القُرْب كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ *﴾ [الأعراف]. فالعنديَّة تدلُّ على القُرب، وعلى هذا يجب أن تكون النيَّةُ مقترنةً بالفعل، أو متقدِّمةً عليه بزمنٍ يسير، فإِن تقدمت بزمن كثير فإِنها لا تجزئ.
وقوله:«عند أوَّل واجبات الطهارة»، لم يقل عند أوَّل فروض الطَّهارة؛ لأن الواجب مقدّمٌ على الفروض في الطَّهارة، والواجب هو التَّسمية.