للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأمر في هذا واسع لعدم ثبوت نصٍّ واضحٍ.

ويَدَّهِنُ غِبًّا، ويَكْتَحِلُ وِتْراً، .........

قوله: «ويَدَّهِنُ غِبًّا»، الادهان: أن يستعملَ الدُّهن في شعره.

وقوله: «غِبًّا» يعني: يفعل يوماً، ولا يفعل يوماً، وليس لازماً أن يكون بهذا التَّرتيب؛ فيُمكن أن يستعمله يوماً، ويتركه يومين، أو العكس، ولكن لا يستعمله دائماً؛ لأنه يكون من المُترَفين الذين لا يهتمون إِلا بشؤون أبدانهم، وهذا ليس من الأمور المحمودة، ففي سنن أبي داود والنَّسائي أنَّ النبيَّ كان ينهى عن كثيرٍ من الإِرفاه (١)، أي لا ينبغي أن يُكثِرَ من إِرفاه نفسه، وقال : «إن خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يكون بعدهم قومٌ يَشْهَدون ولا يُستَشْهَدُون، ويخونون ولا يُؤتَمنون، ويَنْذِرُونَ ولا يُوفُون، ويظهر فيهم السِّمَن» (٢). فالسِّمَن يظهر من كثرة الإِرفاه؛ لأن الذي لا يُترِفُ نفسه لا يسمن غالباً، وهذا يدلُّ على أنَّ كثرة التَّرف، ليست من الأمور المحمودة.

وتركُ الادِّهان بالكلية سيِّءٌ؛ لأنَّ الشَّعر يكون شَعِثاً ليس بجميل ولا حسن، فينبغي أن يكون الإِنسان وسطاً بين هذا وهذا.

قوله: «ويَكْتَحِلُ وِتْراً»، الكُحْلُ يكون بالعين.


(١) رواه أحمد (٦/ ٢٢)، وأبو داود، كتاب الترجل، رقم (٤١٦٠)، والنسائي، كتاب الزينة: باب التَّرجُّل، (٨/ ١٨٥). وانظر (٨/ ١٣٣). من حديث عبد الله بن شقيق، ورجل من أصحاب النبي يُقال له: عبيد ـ بإِسنادين صحيحين.
(٢) رواه البخاري، كتاب الشهادات: باب لا يشهد على شهادة جور، رقم (٢٦٥١)، ومسلم، كتاب فضائل الصحابة: باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم، رقم (٢٥٣٥) من حديث عمران بن حصين.

<<  <  ج: ص:  >  >>