قوله «الثاني: اتفاق الأولياء المشتركين فيه على استيفائه» فإن عفا بعضهم سقط القصاص، حتى لو فرض أن هذا الذي عفا لا يرث إلاّ واحداً من مليون سهم فإنه لا يمكن القصاص؛ لقوله تعالى: ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: ١٧٨] ﴿عُفِيَ لَهُ﴾ أي: القاتل، ﴿مِنْ أَخِيهِ﴾ المقتول، و ﴿شَيْءٍ﴾ نكرة في سياق الشرط، فتعم أي جزء، فإذا عفي عن القاتل ولو جزءاً يسيراً فإنه لا قصاص؛ لقوله تعالى: ﴿فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ﴾ فيُتبَع القاتلُ بالمعروف ولا يؤذى، وقوله: ﴿وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ﴾ أي: إلى العافي ﴿بِإِحْسَانٍ﴾ فالأداء وصف من أوصاف الدية.
وأما التعليل فلأنه إذا عفي عن القاتل جزء من دمه فإن القتل لا يتبعض، فإذا كان الورثة ستة، وعفا واحد منهم، فلا يمكن أن نقتل القاتل خمسة من ستة من القتل، ونبقي واحداً من ستة! فلمَّا كان جزء من القاتل لا بد أن يبقى حياً، وكان لا يمكن حياة هذا الجزء إلاّ بحياة الباقي، كان عفو بعض الورثة مانعاً من القتل.
قوله:«وليس لبعضهم أن ينفرد به» فلو كان المستحقون للقصاص ثلاثة إخوة، فقال أكبرهم: أنا الكبير، وانفرد به وقتل القاتل، فهذا حرام عليه، ولا يجوز، ويجب أن يعزر، فإن قال أولياء المقتول الأول: نحن لا ننتفع بتعزيره، بل نريد الدية، فلهم ذلك، ويرجعون على تركة الجاني بالدية، وورثة الجاني يرجعون على الأخ القاتل بما أُخذ منهم؛ لأنه هو الذي فوَّته عليهم.