للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما لم ينو التبرع، فإن نوى التبرع لم يرجع؛ لأن رجوعه مع نية التبرع رجوع في الهبة وهو حرام، ولا يشترط أن ينوي الرجوع.

فإذا أنفق بنية الرجوع رجع بكل حال، وإذا أنفق بنية التبرع لم يرجع بكل حال على القولين، وإذا أنفق وهو لم ينو لا رجوعاً ولا تبرعاً فعلى المذهب لا يرجع؛ لأنه يشترط أن ينوي الرجوع، وعلى ما قاله الماتن يرجع؛ لأن الأصل أن ما أنفقه على ملك غيره فهو له يرجع فيه، إلا إذا عارض ذلك نية التبرع.

وَلَو لَمْ يَسْتَأذِن الحَاكِمَ، وَكَذَا وَدِيعَةٌ وَدَوابٌّ مُسْتَأجَرَةٌ هَرَبَ رَبُّهَا، وَلَو خَرِبَ الرَّهْنُ فَعَمَّرَهُ بِلَا إِذنٍ رَجَعَ بآلتِهِ فَقَطْ.

قوله: «ولو لم يستأذن الحاكم» الحاكم أي: القاضي، هذه إشارة خلاف، فبعض العلماء يقول: لا يرجع حتى يستأذن الحاكم، بمعنى أنه إذا تعذر على المرتهن أن يستأذن من الراهن، قلنا له: الحاكم ينوب منابه، فاستأذن منه، فإن لم تفعل فلا رجوع لك، وهذا القول يزيد المسألة تعقيداً؛ لأنه يحتاج إذا تعذر استئذان المالك ـ وهو الراهن ـ أن يذهب إلى المحكمة، والمحكمة لن تقبل منه بسهولة، بل ستطلب البينة على أنه يحتاج إلى تعمير، فإذا أتى بالبينة أذنت له، وهذا قد يصعب.

والصحيح ما ذهب إليه المؤلف أنه لا يحتاج إلى إذن الحاكم، وأنه إذا تعذر استئذان الراهن الذي هو المالك، فإن المرتهن يعمره ويرجع بنفقته، سواء استأذن الحاكم أم لم يستأذنه، لأن بقاءه في يده بإذن الراهن معناه التزام بما يجب له من النفقة.

قوله: «وكذا وديعة» احتاجت إلى تعمير، وربها موجود فهنا نقول: إن كان رب الوديعة أذن لك في تعميرها فعمِّرْها وترجع

<<  <  ج: ص:  >  >>