وَالوَكِيلُ في الخُصُومَةِ لا يَقْبِضُ وَالعَكْسُ بِالعَكْسِ وَاقَبِضْ حَقِّي مِنْ زَيْدٍ لا يَقْبِضُ مِنْ وَرَثَتِهِ إِلاَّ أَنْ يَقُولَ: الذي قِبَلَهُ وَلَا يَضْمنُ وَكيلُ الإيداعِ إِذا لَمْ يُشْهِدْ.
قوله:«والوكيل في الخصومة لا يقبض» أفادنا المؤلف أولاً أنه يجوز التوكيل في الخصومة، يعني يجوز أن توكل شخصاً أن يخاصم عنك.
وهل يجوز قبول هذه الوكالة أو لا؟ في ذلك تفصيل فلا يخلو من أحوال ثلاثة: إما أن تعلم أنه محق، أو تعلم أنه مبطل، أو تتردد.
فإن علمت أن الموكل محق لكن خصمه خَصِمٌ جَدِلٌ، فهنا يجوز لك أن تقبل الوكالة في الخصومة، بل قد نقول: إنه يُشرع أو يجب؛ لأن في هذا استنقاذاً لحق أخيك، ونصرة له وللظالم ـ أيضاً ـ أما نصرته؛ فلأنك سبب لوصول الحق إليه، وأما نصرة الظالم؛ فلمنعه من الظلم.
وإذا علمت أنه مبطل لكنه اختار هذا الوكيل؛ لأنه وكيل جدلي يستطيع أن يقلب الباطل حقّاً، والحق باطلاً، فهنا لا يجوز أن تقبل هذه الوكالة؛ لقوله ـ تعالى ـ: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: ٢].
وإذا ترددت فالسلامة أولى، أي: لا تقبل الوكالة، فالإمام أحمد ﵀ لا يعدل بالسلامة شيئاً، ولا سيما في أوقاتنا هذه عند تغير الزمان واختلاف الذمم.
فالذين يتوكلون ويسمون (بالمحامين)، فالمحامي إذا قال: هل يجوز أن أشتغل بالمحاماة؟
نقول: في هذا تفصيل، إن كنت تحامي عن شخص عاجز عن دفع الظلم عن نفسه فهذا خير، وهو دائر بين الوجوب أو