بخمسين، فإذا جاء بها إلى الموكل قال: خذ هذه الساعة بخمسين، فقال: هذه لا تساوي إلا عشرة، قال: أنت قلت لي: اشتر بما شئت وأنا شئت أن أشتريها بخمسين، فهنا المؤلف يقول: لا يصح، لكن نحن نعلم علم اليقين أن الموكل لما قال للوكيل: بما شئت، فإنما وَكَلَهُ إلى أمانته، وليس من الأمانة أن يشتري ما يساوي عشرة بخمسين.
ولو عين له عيناً، وقال: اشترها، قال: بكم؟ قال: بما ترى أنه مناسب، فهذا يصح، وقد يقال: إنها داخلة في كلام المؤلف، وأنها لا تصح، وقد يقال: إنها غير داخلة؛ لأنه هنا لم يقيده بالمشيئة المطلقة، وإنما قيده بما يرى أنه مناسب، وهذا نوع من التخصيص فلا يكون كالمشيئة المطلقة.
مثال آخر: قال: اشتر للوفد الذين يحضرون إليَّ أو الضيوف شاة، فقال: بكم؟ قال: بما ترى أنه مناسب، فهذا جائز؛ لأن هذا وإن كان فيه شيء من الجهالة وربما يشتريها بثمن لم يخطر على بال الموكل، لكن مثل هذا يكون قليلاً، ومما يتسامح الناس فيه عادة، وحقيقة الأمر أن هذه مسائل فردية لكن ينبغي أن نعرف لها ضابطاً.
والضابط في ذلك:«أن كل ما دل عليه العُرف أو القرينة مما يحتمله كلام الموكل، وليس فيه محظور شرعي، فإنه صحيح»؛ وذلك لأن الأصل في المعاملات الحل، فإذا لم تخالف الشرع، ولم تخالف العُرف، ولم تخالف لفظ المتعامِلَيْنِ فإن الأصل فيها الصحة.