قوله:«ولا تصح الدعوى» وهي ادعاء الإنسان على غيره حقاً، أو براءة من حق، كأن يدعي على غيره حقاً، فيقول: أنا أطلب فلاناً كذا وكذا، أو براءة منه بأن يُدعى عليه فينكر، فهذه ـ أيضاً ـ نوع من الدعوى، وإن كانت تسمى إنكاراً.
فالدعوى أولاً ينظر إليها من ناحية الجواز، فهل يجوز للإنسان أن يدعي على غيره حقاً؟
الجواب: نعم، إذا كان ثابتاً فله أن يدعي عليه الحق، وأما إذا كان ظلماً فإن النصوص كثيرة في عقوبة من ادعى على غيره شيئاً باطلاً، يقول النبي ﵊:«من اقتطع مال امرئ مسلم بيمين كاذبة لقي الله وهو عليه غضبان»(١)، فإذا جازت الدعوى فلا بد لها من شروط:
الأول: ذكره المؤلف بقوله:
«إلا محررةً» وتحرير الشيء بمعنى تنقيته عن كل الشوائب، وذلك بأن يذكر جنس المُدعى به، ونوعه، وصفته، وقدره، حتى يبقى متميزاً، ظاهراً، محرراً، مخلصاً من شوائب الجهل، وهذا معنى قوله:
«معلومة المدعى به» فلا يكفي أن يقول المدعي: أنا أدعي عليه طعاماً، فهذه دعوى غير مسموعة ولا تصح حتى يحررها،
(١) أخرجه البخاري في التوحيد/ باب قول الله تعالى: ﴿وَجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ *﴾ … (٧٤٤٥)، ومسلم في الإيمان/ باب وعيد من اقتطع حق مسلم … (١٣٨) عن ابن مسعود ﵁.