متمرساً في الدعاوى، كالذي يسمونه المحامي، فإن المحامين يدرسون الدعاوى على أنها فن من الفنون، كالمهندس يدرس الهندسة على أنها فن، فهو مهندس دعاوى، فتجد المحامي يأتي بحجج أكبر من الجبال، ولو كان مبطلاً وكاذباً؛ لأنه يكسب بهذا أمرين:
الأول: المال المجعول له.
الثاني: مهارته في المحاماة وقدرته عليها.
فما ذهب إليه المؤلف هو الصواب، وهو أنه إذا قال: ما لي بينة، ثم أحضر بينة فإنها تقبل.
وإذا لزم الأخرس يمين فكيف يحلف؟
يحلف بالإشارة، والأخرس له إشارة يعرفها الناس، فإشارته تقوم مقام عبارته.
ويتخوف الناس من اليمين في الخصومة إذا كان صاحبها كاذباً فإن العقوبة أسرع إليه من ظله، وقد حكيت حالات تؤيد هذا التخوف، وكما قال بعض السلف: اليمين الكاذبة تدع الديار بلاقع يعني خالية من الناس.