للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمثلاً الوثائق التي فيها إثبات الديون على الناس والمبيعات والمؤجرات وما أشبه ذلك، جرت العادة أنها لا تدفع إلى من يحفظ مال ربها، إنما تدفع إلى ربها، إلا إذا قال: رُدَّها إلى أهلي أو إلى من يحفظ مالي، فعلى ما قال.

وَعَكْسُهُ الأَجْنَبِيُّ وَالحَاكِمُ وَلَا يُطَالَبَانِ إِنْ جَهِلَا. وَإِنْ حَدَثَ خَوْفٌ أَوْ سَفَرٌ رَدَّهَا عَلَى رَبِّهَا، فَإِنْ غَابَ حَمَلَهَا مَعَهُ إِنْ كَانَ أَحْرَزَ، وَإِلاَّ أَوْدَعَهَا ثِقَةً .........

قوله: «وعكسه الأجنبي» أي عكس دفعها إلى من يحفظ ماله أو مال ربها أن يدفعها للأجنبي، والأجنبي هو الذي لا يتولى حفظ مال ربها، ولا حفظ مال المودَع.

وبهذا التفسير نعرف أن كلمة الأجنبي يختلف معناها باختلاف مواضعها، فتكون في موضع لها معنى وفي موضع آخر لها معنى آخر، فإذا قيل: تصح الوصية لأجنبي ولا تصح لوارث، فهنا المراد بالأجنبي من ليس بوارث، وإذا قيل: يحرم كشف وجه المرأة لأجنبي ويجوز للمحارم، فهنا يقصد به غير المحرم، المهم أن الأجنبي في كل موضع بحسبه، فلو دفعها إلى جاره فهنا نقول: عليه الضمان؛ لأن الجار أجنبي، لا يحفظ مال ربها ولا مال المودَع فيكون ضامناً إذا تلفت عند الجار ضمانَ تعدٍّ؛ لأنه فعل ما لا يجوز له، سواء تلفت بتفريط أو تعدٍّ أو بغير تفريط ولا تعدٍّ.

قوله: «والحاكم» وهو القاضي وسُمِّي حاكماً؛ لأنه يحكم بين الناس، وسُمِّي قاضياً لأنه يقضي بين الناس، إذا دفعها إلى الحاكم فهو ضامن؛ لأنه لم يؤمر بدفعها إليه، والحاكم إنما يكون نائباً عن الغائب أو الميت أو نحوهما، لا عن كل الناس، فمثلاً رجل في مدينة أودع دراهم وقيل له: خذ هذه عشرة ملايين

<<  <  ج: ص:  >  >>