للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اجعلها عندك، فجعلها عنده، ثم أخذها وأعطاها القاضي، وصاحبها موجود، فهل للقاضي الحق أن يأخذها؟ لا، وليس للمودَع الحق أن يسلمها للقاضي؛ لأن القاضي إنما ينوب عن الغائب أو الممتنع أو ما أشبه ذلك، أما هنا فلا ضرورة، فيضمن المودَع إذا تلفت عند الأجنبي أو عند الحاكم، ويطالب صاحبُ الوديعة المودَع.

وهل يطالب الحاكمَ والأجنبيَ؟

يقول المؤلف: «ولا يطالبان إن جهلا» يعني لا يطالب الأجنبي والحاكم إذا جهلا أنها وديعة عند مودَع؛ لأنهما معذوران، فمثلاً: جاء الأجنبيَ رجلٌ وقال له: خذ هذه اجعلها عندك وديعة، فأخذها على أنها ملك الرجل الذي أعطاه وعلى أنه محسن فلا ضمان عليه، والحاكم كذلك لا ضمان عليه، والمذهب أن له أن يطالبه وإن جهل، وحجتهم أن المال تلف تحت يده، وعلى ما مشى عليه الماتن فليس له أن يطالبه، وحجته أنه جاهل ومحسن وقد قال الله تعالى: ﴿مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ﴾ [التوبة: ٩١]، أما إذا علما أنها وديعة فعليهما الضمان، ولصاحب الوديعة أن يطالب المودَع أو الحاكم أو الأجنبي؛ لأن الحاكم أو الأجنبي حصل التلف تحت يده، وذاك حصل التلف بتسليطه هؤلاء على هذه الوديعة، فله أن يطالب هذا وهذا، وأما مع الجهل فلا يطالب الحاكم ولا الأجنبي.

لكن لو أن المودَع أعطي عشرة ملايين وديعة، وأودعها في البنك فهل يضمن؟ البنوك أحرز ولا شك، لكن هذا المودِع يعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>