للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمثلاً لو فرضنا أن الأب سافر إلى بلاد أوربية، ولا نعلم عنه خبراً فهنا نقول: ما نفوِّت مصلحة البنت من أجل أن نطلب هذا الرجل؛ لأننا يمكن أن نبقى شهرين أو ثلاثة أو سنة ما نعلم عنه، والمذهب ـ أيضاً ـ خلاف كلام المؤلف، فالمذهب إذا غاب مسافة قصر زوج الأبعد، وعلى هذا فلو كان ـ مثلاً ـ الولي في «الزلفى» وهي في «عنيزة» (١)، لا نراجع أباها، ويزوجها الأبعد؛ لأنهم يعتبرون أن من بينه وبين موليته مسافة قصر تسقط ولايته، ولكن كل هذا فيه نظر، فالصواب أنه متى أمكن مراجعة الولي الأقرب فهو واجب، وإذا لم يمكن، وكان يفوت به الكفء فليزوجها الأبعد.

قوله: «وإن زوج الأبعد أو أجنبي من غير عذر لم يصح»، الأبعد هنا بمعنى البعيد، ليس المعنى أنه إذا لم يوجد الأخ يزوج ـ مثلاً ـ المولى مع وجود العم، أو يزوج ابن العم مع وجود العم، فقوله: «الأبعد» هنا بمعنى البعيد، أو على تقدير «منه» يعني زوج الأبعد من هذا القريب.

وَإِنْ زَوَّجَ الأَبْعَدُ، أَوْ أَجْنَبِيٌّ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَمْ يَصِحَّ.

وقوله: «وإن زوج الأبعدُ أو أجنبيٌ من غير عذرٍ لم يصح» يعني والأقرب موجود وأهل للولاية، فإن النكاح لا يصح؛ لأن قول الرسول : «إلا بولي (٢)» وصف مشتق من الولاية، فيقتضي أن يكون الأحق الأولى فالأولى، وسبق لنا أن كل حكم علق على وصف فإنه يقوى الحكم بقوة هذا الوصف فيه، فما دام أنه علق الحكم بالولاية فمن كان أولى فهو أحق، ولا حق لمن وراءه


(١) تقدر المسافة بين المدينتين بحوالي ١٠٠ كلم.
(٢) سبق تخريجه ص (٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>