سبق أنه لو باعه بماله لم يصح ـ ثم علم أنه محجور عليه، فإننا نقول له: ارجع بمالك ولا ضرر؛ لأن التصرف معه بعد الحجر غير نافذ، حتى لو فرض أن هذا المحجور عليه استعمله يومين أو ثلاثة أو أكثر، فيكفيك أن يرجع إليك عين مالك.
مثال هذا: رجل باع على هذا المحجور عليه سيارة بخمسين ألفاً، وهو لا يدري أنه محجور عليه ثم علم، فنقول: خذ السيارة ما دمت لم تعلم، فإن كان عالماً فإنه لا يرجع وتدخل السيارة في دينه، تباع وتوزع على الغرماء، ولا يدلي مع الغرماء؛ لأن هذا التصرف وقع بعد أن منع هذا من التصرف.
قوله:«وإن تصرف في ذمته» المحجور عليه لا يصح تصرفه في عين ماله، فإذا حجرنا على الرجل لوجود دين عليه أكثر مما معه فإنه لا يمكن أن يبيع شيئاً من ماله ولو قلّ، فلا يمكنه أن يبيع قلماً، ولا ساعة، ولا غيره؛ لأن أعيان ماله تعلق بها حق الغرماء، لكن إن تصرف في ذمته فلا بأس، ومعنى تصرفه في ذمته أي: لو استقرض من شخص شيئاً فلا حرج، فهذا الرجل الذي حجرنا عليه لو احتاج إلى مال واستقرض من غيره فلا حرج، فإذا كان عليه دين يبلغ عشرة آلاف، والمال الذي عنده يساوي ثمانية آلاف، فإننا نحجر عليه ولا يتصرف في ماله، فإذا استقرض من شخص مالاً فالقرض هنا صحيح؛ لأنه لم يتصرف في المال الذي حجرنا عليه فيه وإنما يتصرف في ذمته، وكذلك ـ أيضاً ـ لو اشترى شيئاً لكن لم يشتر بعين ماله، كما لو اشترى من شخص بيتاً أو سيارة فلا بأس؛ لأن الحجر عليه