للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني إذا لم تمكِّنوا من وضع الخشب أضعه على الكتف؛ لأنه أمير، وهذا نظير قول عمر لمحمد بن مسلمة مع جاره، حين احتاج جاره أن يجري الماء من ملكه عبر ملك محمد بن مسلمة فامتنع، وقال: لا يمكن أن تجري الساقي على ملكي، فالأرض أرضي، فقال له صاحب الساقية: انتفع به اغرس عليه وابذر، فأبى، فترافعا إلى عمر فقال له: (لَيُجرينَّه وإلا أجريته على بطنك) (١)؛ لأن هذا الذي امتنع يعتبر مضاراً، نعم لو قال: أنا لا أريد أن تجري الساقي في ملكي؛ لأني أريد أن أبنيه فهنا له الحق، أما إذا كان يريد أن يزرعه ويغرسه فمن مصلحته أن يجري الماء.

وَمَنْ أَحَاطَ مَوَاتاً، أَوْ حَفَرَ بِئْراً فَوَصَلَ إِلَى المَاءِ، أَوْ أَجْرَاهُ إِلَيْهِ مِنْ عَيْنٍ وَنَحْوِهَا، أَوْ حَبَسَهُ عَنْهُ لِيُزْرَعَ فَقَدْ أَحْيَاهُ. ..............

قوله: «ومن أحاط مواتاً، أو حفر بئراً فوصل إلى الماء، أو أجراه إليه من عين ونحوها، أو حبسه عنه ليُزرع فقد أحياه» هذا بيان لما يحصل به الإحياء، وهي مسائل:

الأولى: «إذا أحاط مواتاً» أي: ضرب عليها حائطاً يمنع الدخول منه ملكها، وليس حائطاً يسيراً كحجر أو حجرين.

وظاهر كلام المؤلف ولو كبيرة، أما إذا كان في الأراضي شح بأن كانت البلد في أرض محجوزة إما بالأنهار وإما بالجبال، فلولي الأمر أن يحدد، ويقول: لا أحد يتملك أكثر من كذا وكذا قدراً؛ وذلك من أجل ألا يحتكرها أحد الأقوياء، ويحوط أرضاً كبيرة ثم يبيعها على الناس بثمن غالٍ.


(١) أخرجه مالك في الموطأ (٢/ ٧٤٦)؛ وصححه الحافظ في الفتح (٥/ ١٣٣) ط/الريان.

<<  <  ج: ص:  >  >>