وثانياً: نيَّة تمييز العبادات عن غيرها، وتمييز العبادات بعضها عن بعض.
واعلمْ أن النيَّة محلُّها القلب، ولهذا قال الرَّسول ﷺ:«إنَّما الأعمال بالنيَّات، وإنَّما لكلِّ امرئٍ ما نوى»، فليست من أَعمال الجوارح، ولهذا نقول: إن التلفّظَ بها بدعة، فلا يُسَنُّ للإنسان إذا أراد عبادة أن يقول: اللهم إني نويت كذا؛ أو أردت كذا، لا جهراً ولا سِرًّا؛ لأن هذا لم يُنقل عن رسول الله ﷺ، ولأنَّ الله تعالى يعلم ما في القُلوب، فلا حاجة أن تنطق بلسانك ليُعْلم ما في قلبك، فهذا ليس بِذِكْرٍ حتى يُنطق فيه باللسان، وإنَّما هي نيَّة محلُّها القلب، ولا فرق في هذا بين الحَجِّ وغيره؛ حتى الحجُّ لا يُسَنُّ للإنسان أن يقول: اللهم إني نويت العُمْرَة؛ أو نويت الحجَّ، لأنه لم يُنقل عن النبيِّ ﷺ، ولكن يُلبِّي بما نوى، والتلبية غير الإخبار بالنيَّة؛ لأن التلبية تتضمَّن الإجابة لله، فهي بنفسها ذِكْرٌ ليست إخباراً عمَّا في القلب، ولهذا يقول القائل: لبَّيك عُمرة أو لبَّيك حَجّاً.
نعم؛ لو احتاج إلى الاشتراط فله أن يتلفَّظ بلسانه، بل لا بُدَّ أن يتلفَّظ فيقول مثلاً: لبَّيك اللهمَّ عُمرة، وإن حَبَسَني حابسٌ فَمَحِلِّي حيث حبستني.
قوله:«فَيَجِبُ أنْ يَنْوِيَ عَيْنَ صَلَاةٍ مُعَيَّنَةٍ»، أي: يجب على من أراد الصَّلاة أن ينويَ عينَها إذا كانت معيَّنة، مثل: لو أراد أن يُصلِّي الظُّهر يجب أن ينوي صلاةَ الظُّهر، أو أراد أن يُصلِّي الفجر فيجب أن ينويَ صلاة الفجر، أو أراد يُصلِّي الوِتر فيجب أن ينويَ صلاة الوِتر.