للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلِّ آية (١) وإن لم يقفْ فلا حرجَ؛ لأنَّ وقوفه عند كلِّ آيةٍ على سبيلِ الاستحبابِ، لا على سبيلِ الوجوبِ؛ لأنَّه مِن فِعْلِ النَّبيِّ دون أمْرِه، وما فَعَلَه النبيُّ دون أَمْرٍ به مما يُتعبَّد به فهو مِن قبيل المستحبِّ، كما ذُكر ذلك في أصول الفقه: أنَّ الفعلَ المجرَّدَ مما يُتعبَّدُ به يفيد الاستحباب، ولأنَّ النبيَّ لمَّا عَلَّمَ المسيءَ في صلاتِه أمره أن يقرأ ما تيسَّر مِن القرآن (٢) ولم يقل: ورتِّل، أو: قِفْ عند كلِّ آية.

فإنْ قال قائل: ذكرتم أنه إذا أبدل حرفاً بحرف فإنَّها لا تصحُّ، فما تقولون فيمَن أبدَل الضَّادَ في قوله: ﴿وَلَا الضَّالِّينَ﴾ بالظاء؟

قلنا: في ذلك وجهان لفقهاء الحنابلة:

الوجه الأول: لا تصحُّ؛ لأنه أبدلَ حَرْفاً بحرف.

الوجه الثاني: تصحُّ، وهو المشهور مِن المذهب، وعلَّلوا ذلك بتقارب المخرجين، وبصعوبة التفريق بينهما، وهذا الوجه هو الصَّحيح، وعلى هذا فمَن قال: ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ بالظاء فصلاته صحيحة، ولا يكاد أحدٌ من العامة يُفرِّق بين الضَّاد والظاء.

وَيَجْهُرُ الكُلُّ بِآمِينَ في الجَهْرِيَّة ..........

قوله: «ويجهرُ الكُلُّ بآمينَ في الجَهريَّة» أي: المنفرد، والمأموم، والإِمام بالجهرية.


(١) أخرجه الإمام أحمد (٦/ ٣٠٢)؛ وأبو داود، كتاب الحروف والقراءات (٤٠٠١)، والدارقطني (١/ ٣١٢) وقال: «إسناده صحيح وكلهم ثقات»، والحاكم (٢/ ٢٣٢) وقال: «صحيح على شرط الشيخين» ووافقه الذهبي.
(٢) تقدم تخريجه ص (١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>