للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الإِمام فواضح أنه يجهر بآمين؛ لأن ذلك ثَبَتَ عن النبيِّ ﷺ في قوله: «إذا أمَّنَ الإِمامُ فأمِّنوا» (١) فعلَّق تأميننا بتأمين الإِمام، ولولا أننا نسمعُهُ لم يكن بتعْليقِهِ بتأمين الإِمامِ فائدة، بل لكان حَرَجاً على الأمة، ولأنَّ النبيَّ ﷺ كان يجهرُ بآمين حتى يَمُدَّ بها صوتَه (٢). وكذلك المأمومون يجهرون بها، كما كان الصَّحابةُ ﵃ يجهرون بذلك خلفَ النبيِّ ﷺ؛ حتى يرتجَّ المسجدُ بهم (٣) وهذه السُّنَّةُ صحيحةٌ ثابتة. لكن المنفرد إن جَهَرَ بقراءته؛ جَهَرَ بآمين، وإن أسرَّ؛ أسرَّ بآمين، ودليل ذلك: أن النبيَّ ﷺ كان في صلاة السِرِّ كالظُّهر والعصر لا يجهر بآمين، وهذا يقتضي أنك إذا لم تجهر بالقراءة لم تجهر بآمين.

والمنفرد الذي يقوم الليل مثلاً، وأحياناً يرى أن حضورَ قلبِه وقوَّة يقظته وطرد النوم عنه بالجهر، فيجهر كما فَعَلَ النبيُّ ﷺ حين صَلَّى بحذيفة بن اليمان (٤) ﵄.

فإذا جَهَرَ بالقراءة جَهَرَ بالتأمين، وأحياناً يرى أن الإِسرار أفضل له وأخشع، وأبعد عن الرِّياء، أو أن هناك مانعاً يمنعه من


(١) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب جهر الإمام بالتأمين (٧٨٠)؛ ومسلم، كتاب الصلاة، باب التسميع والتحميد والتأمين (٤١٠) (٧٢).
(٢) أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب التأمين وراء الإمام (٩٣٢)؛ والترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء في التأمين (٢٤٨) وقال: «حديث حسن»؛ والحاكم (١/ ٢٢٣) وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
(٣) أخرجه ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، باب الجهر بآمين (٨٥٣).
(٤) أخرجه مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل (٧٧٢) (٢٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>