للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسألة: إذا قال قائل: إذا كان المسجدُ البعيدُ أحسنُ قِراءة، ويحصُل لي مِن الخشوعِ ما لا يحصُلُ لي لو صَلَّيتُ في مسجدي القريبِ منِّي، فهل الأفضلُ أن أذهبَ إليه وأدعُ مسجدي، أو بالعكس؟

الجواب: الظاهر لي حسب القاعدة: أنَّ الفضلَ المتعلِّقَ بذات العبادةِ أَولى بالمراعاة مِن الفضلِ المتعلِّقِ بمكانِها، ومعلومٌ أنَّه إذا كان أخشعَ فإنَّ الأفضلَ أن تذهبَ إليه، خصوصاً إذا كان إمامُ مسجدِكَ لا يتأنَّى في الصلاةِ أو يلحَنُ كثيراً، أو ما أشبه ذلك مِن الأشياءِ التي توجب أنْ يتحوَّلَ الإنسانُ عن مسجدِه مِن أجلِهِ.

ويَحْرُمُ أَنْ يَؤُمَّ فِي مَسْجِدٍ قَبْلَ إِمَامِهِ الرَّاتِبِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ أَوْ عُذْرِهِ .......

قوله: «ويحرم أن يؤم في مسجد قبل إمامه الراتب».

أي يحرم أن يكون إماماً في مسجد له إمامٌ راتب.

أي: مولًّى مِن قِبَلِ المسؤولين، أو مولًّى مِن قِبَلِ أهلِ الحَيِّ جيران المسجد، فإنَّه أحقُّ الناس بإمامتِهِ، لقولِ النبيِّ : «لا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ في سُلطانه» (١) ومعلومٌ أنَّ إمامَ المسجدِ سلطانُه، والنهيُ هنا للتحريمِ، فلا يجوزُ للإنسان أن يؤمَّ في مسجدٍ له إمامٌ راتبٌ إلا بإذن الإمام أو عُذره.

وكما أن هذا مقتضى الحديث، فهو مقتضى القواعد الشرعية؛ لأنه لو ساغ له أن يؤمَّ في مسجد له إمام راتب بدون إذنه أو عذره؛ لأدَّى ذلك إلى الفوضى والنزاع.

قوله: «إلا بإذنه» أي: إلاَّ إذا وَكَّلَهُ توكيلاً خاصًّا أو توكيلاً


(١) أخرجه مسلم، كتاب المساجد، باب من أحق بالإمامة (٦٧٣) (٢٩٠) (٢٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>