للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسجدِ الحرامِ في مكَّة وفي المسجد النَّبويِّ في المدينة.

أما إذا لم يكن هناك مزيَّة فإنَّ صلاةَ الإنسانِ في مسجدِه أفضلُ؛ لأنَّه يحصُلُ به عِمارته؛ والتأليف للإمام وأهل الحيِّ، ويندفع به ما قد يكون في قلب الإمامِ إذا لم تُصلِّ معه؛ لا سيما إذا كنت رَجُلاً لك اعتبارك.

وأما الأبعد فيجاب عن الحديث بأن المراد في قوله : «لا يخطو خطوةً إلا رَفَعَ اللهُ له بها درجةً، وحَطَّ عنه بها خطيئةً» (١) أنَّه في مسجدٍ ليس هناك أقرب منه، فإنَّه كلَّما بَعُدَ المسجدُ وكلَّفتَ نفسك أن تذهبَ إليه مع بُعدِهِ كان هذا بلا شَكٍّ أفضل مما لو كان قريباً، لأنه كلَّما شقَّت العبادةُ إذا لم يمكن فِعْلُها بالأسهل فهي أفضل، كما قال النَّبيُّ لعائشة: «إنَّ أجْرَكِ على قَدْرِ نَصَبِكِ» (٢).

فالحاصل: أن الأفضل أن تصلِّيَ في مسجدِ الحَيِّ الذي أنت فيه، سواءٌ كان أكثر جماعة أو أقل، لما يترتَّب على ذلك مِن المصالح، ثم يليه الأكثر جماعة؛ لقوله : «ما كان أكثرُ فهو أحبُّ إلى الله» (٣)، ثم يليه الأبعدُ، ثم يليه العتيقُ؛ لأن تفضيلَ المكان بتقدُّم الطَّاعة فيه يحتاج إلى دليلٍ بَيِّنٍ، وليس هناك دليلٌ بَيِّنٌ على هذه المسألةِ.


(١) تقدم تخريجه (٣/ ٦).
(٢) أخرجه البخاري، كتاب العمرة، باب أجر العمرة على قَدْر النصب (١٧٨٧)؛ ومسلم، كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام (١٢١١) (١٢٦).
(٣) تقدم تخريجه ص (١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>